الكثير مما سبقه في "مدح الحماقة" أو "الأحاديث"، وهو يتمثل خمسين موضوعاً من بلوتارخ، وذلك قبل سنوات من ترجمة آميو التي فتحت سجل العظماء هذا لأي لص من لصوص الأدب. وهو ينتحل من كتاب لوكيان "الحديث السماوي" وقصة فولنجو عن الخروف الذي أغرق ذاته، ويجد في كوميديات عصره قصة الرجل الذي ندم على أنه شفي زوجته من الخرس، ويستعمل عشرات الأفكار التي توحي بها الخرافات والقصص الصغيرة التي انحدرت من فرنسا الوسيطة. وحين يصف رحلات بنتاجرويل نراه يعتمد على الحكايات التي نشرها رواد الدنيا الجديدة والشرق الأقصى. ومع ذلك، فعلى الرغم من هذه الاستعارات كلها، ليس هناك مؤلف أكثر منه أصالة، ولسنا نجد في غير شكسبير وسرفانتيس مخلوقات واسعة الخيال، مفعمة بالقوة والحياة، كالراهب يوحنا، أو كبانورج. على أن رابليه نفسه هو أهم خلق خلقه الكتاب، إنه مزيج من بنتاجرويل، والراهب يوحنا، وبانورج، وإرزمس، وفيزاليوس، ويوناثان سويت؛ مزيج ثرثار، فوار، محطم للأصنام، عاشق للحياة.
وتعشقه للحياة هو الذي جعله يسلخ جلود أولئك الذين جعلوها أقل فتنة وإغراء. ولعله قسا بعض الشيء على الرهبان الذين لم يستطيعوا مشاركته ميوله أدبياً وإنسانياً، ولا بد أن محامياً أو محامين قد أنشبا براثنهما فيه، لأنه يمزق فراء المحامين في غل شديد. يقول محذراً قراءه "أنصتوا إلي، إن عشتم ست دورات أولمبية فقط مضافاً إليهما عمر كلبين، فسترون قطط القانون هؤلاء سادة على أوربا بأسرها". ولكنه يسوط أيضاً القضاة، والمدرسين، واللاهوتيين، والمؤرخين، والرحالة، وباعة صكوك الغفران، والنساء. ولا تكاد تعثر في الكتاب كله على كلمة طيبة عن النساء، وتلك هي أشد نقط رابليه عمىً، ولعلها الثمن الذي