ويشتقها كشكسبير من كل حرفة ومهنة، ومن كل ميدان في الفلسفة أو اللاهوت أو القانون. وهو يضع قوائم بالنعوت أو الأسماء أو الأفعال، وكأنما يلذه تأملها (٣ - ٣٨)، ثم يستكثر من المترادفات في النشوة من الإطناب، ولقد هذا الحشو من قبل حيلة قديمة في المسرح الفرنسي (٣٢). وهو جزء من فكاهة رابليه التي لا حد لها ولا ضابط، وفيض تتضاءل أمامه حتى فكاهة أرستوفان أو موليير. أما بذاءته فوجه من وجوه هذا الفيض الذي لا يمكن التحكم فيه. ولعل بعضها رد فعل للنسك الديري، وبعضها لا مبالاة تشريحية لا تستغرب من طبيب، وبعضها تحد جرئ للحذقلة، وكثير منها يساير أسلوب العصر، وما من شك في أن رابليه قد غلا في فحشه غلوا شديداً، حتى أننا بعد أن نقرأ عشر صفحات أو نحوها من التفاصيل الملوثة بالتبول والتناسل والإفراز والغازات نمل القراءة وننصرف عنها. ولم يكن بد من مجيء جيل جديد من التأثر الكلاسيكي ليروض هذا الفروان البركاني ويخضعه للنظام.
على أننا نغتفر هذه العيوب لأن أسلوب رابليه ينطلق معنا في يسر كما انطلق معه؛ إنه أسلوب خال من التكلف والصنعة الأدبية، أسلوب طبيعي سهل متدفق، وهو بالضبط الأداة لسرد قصة طويلة. والسر في حيوية رابليه هو الخيال مضافاً إليه النشاط مضافاً إليهما الوضوح، وهو يرى مئات الأشياء التي لا يراها معظمنا، ويلحظ دقائق لا حصر لها في اللباس والسلوك والحديث، ثم يجمع بينها بطريقة خيالية غريبة، ويطلق هذه الأخلاط يطارد بعضها البعض فوق صفحاته الضاحكة.
ثم تراه يستعير يمنة ويسرة جرياً على عادة جيله، معتذراً عن هذا بما اعتذر به شكسبير من أنه يجود كل شيء يسرقه. فهو يتناول مئات من نتف الأمثال الواردة في كتاب إرزمس "أداجيا"(٣٣)، ويحكى