وفوق هذا كله تمثالان مضطجعان لهنري السابع وزوجته إليزابث. وكان هذا نحتاً لا عهد لإنجلترا به قط، ولم يبزه في إنجلترا نحت من بعد. "هنا- كما قال فرانسس بيكون- ينزل الملك الشحيح الذي يحرص على البنسات لينفق الجنيهات في موته منزلاً أبهى مما كان ينزل حياً في أي من قصوره"(٣٠).
لم يكن هنري الثامن بالرجل الذي يسمح لأي إنسان بأن يدفن في أبهة تفوق أبهة دفنه. ففي عام ١٥١٨ تعاقد على أن يدفع لتوريجيانو ٢. ٠٠٠ جنيه نظير تصميمه مقبرة "أعظم بالربع" من مقبرة أبيه (٢١). ولكن لم يكتب لهذه المقبرة أن تتم، ذلك أن الفنان أوتي كما أوتي الملك طبعاً ملكياً حاداً، وغادر توريجيانو إنجلترا في سورة غضب (١٥١٩)، ولما عاد إليها لم يضف مزيداً إلى المقبرة الثانية. وبدلاً من ذلك صمم لكنيسة هنري السابع مذبحاً عالياً، وحاجزاً خلفه، ومظلة فوقه، دمرها رجال كرومويل في عام ١٦٤٣. وفي عام ١٥٢١ رحل توريجيانو إلى أسبانيا.
واستؤنفت مهزلة الموت هذه حين كلف ولزي فلورنسيا آخر يدعى بنديتو دا روفتسانو بأن يبني له مقبرة في كنيسة القديس جورج بوندزور. كتب هربرت لورد تشوربري يقول:"إن تصميمها أفخم جداً من تصميم مقبرة هنري السابع"(٢٣). ولما سقط الكردينال توسل إلى الملك أن يسمح له على الأقل بالاحتفاظ بتمثاله ليوضع على مقبرة أكثر تواضعاً في يورك. فأبى هنري، وصادر المقبرة كلها لتكون مثوى له، وأمر الفنانين أن يحلوا تمثاله محل تمثال ولزي، ولكنه شغل بمشكلات الدين والزواج، ولم يتم قط بناء هذا الأثر الجنائزي. ثم أراد تشارلز الأول أن يدفن فيه، ولكن برلمانه الذي ناصبه العداء باع الزخارف قطعة قطعة، فلم يبق منها سوى تابوت