الرخام الأسود ليؤلف آخر المطاف جزءاً من ضريح نلسن في كنيسة القديس بولس (١٨١٠).
ونحن إذا استثنينا هذه الجهود الفنية، وما زينت به كنيسة الكلية الملكية بكمبردج من حجاب خشبي ومقاعد وزجاج معشق وقبو. وكلها رائع فاخر، وجدنا أن المعمار البارز في هذا العصر كرس لإضفاء العظمة على بيوت النبلاء الريفية حتى تصبح قصوراً أشبه بقصور الجان قائمة وسط حقول إنجلترا وغاباتها. وكان المعماريون هنا إنجليزاً، ولكن اثني عشر إيطالياً جندوا لأشغال الزخرفة. هنا ترى واجهة عريضة عرضاً مهيباً امتزج فيها الفن القوطي بفن النهضة، وبوابة ذات أبراج تفضي إلى فناء، وقاعة فسيحة للاحتفالات المكتظة بالناس، وبيت سلم ضخماً يصنع عادة من الخشب المنقوش، وحجراتها تزينها الصور الجدارية أو قطع النسيج المرسومة وتضيئها نوافذ شبكية أو ناتئة، وحول المباني حديقة ومسرح للغزلان ومن خلفها أرض للصيد- تلك هي فكرة الشريف الإنجليزي المسبقة، الشكاكة، عن النعيم.
وأشهر قصور النبلاء التيودورية هذه هو هامبتن مورت، الذي بناه ولزي لنفسه (١٥١٥) وأوصى به لمليكه وهو في رهبة منه (١٥٢٥). ولا يختص بفضل بنائه معماري واحد، بل لفيف من كبار البنائين الإنجليز الذي شيدوه أساساً على الطراز القوطي العمودي ووفق تصميم وسيط فيه الخندق والأبراج والأسوار ذوات الفوهات؛ وأضاف جوفاني دا مايانو لمسة من لمسات فن النهضة تمثلت في حلي مستديرة من التراكوتا على الواجهة. وقد وصف دوق فورتمبرج الذي زار إنجلترا في ١٥٩٢ هامبتن كورت هذا بأنه أفخم قصور الدنيا قاطبة (٢٤). وهناك قصور أخرى لا تقل عنه كثيراً في الفخامة، مثل صاتون بليس في صري، الذي بنى للسر رتشارد وستون (١٥٢١ - ٢٧)، وقصر