رسم أربع حشوات للمذبح محفوظة الآن بمتحف أوجزبورج - متوسطة الجودة حقاً، ولكنها جيدة إلى حد مدهش بالنسبة لغلام في الخامسة عشرة. وبعد عامين ارتحل هو وأخوه أمبروز، وهو رسام أيضاً، إلى بال. ولعل أباهما كان قد غالى في التشبث بأسلوبه الذي ما زال قوطياً، أو لعله لم يتوافر في أوجزبورج من مال الطبقة المتعلمة ما يكفي إلا لإعالة قلة من الفنانين، على أي حال قليلاً ما يتعلق الشباب والعبقرية بالبقاء في الوطن. وفي بال اكتشف الغلامان أن الحرية امتحان. ورسم هانز صورة لعدة كتب من بينها كتاب إرزمس "في مدح الحماقة"، وقام ببعض أشغال الطلاء البسيطة، وصنع لافتة لأحد المدرسين، وزخرف رأس مائدة بمشاهدة حية من قصة القديس المجهول الاسم- ذلك النكرة الذي يسهل تناوله، والذي اتهم بكل الخبائث المجهولة ولم ينبس بكلمة دفاعاً عن نفسه. وكان جزاء هانز على هذا العمل مهمة مثمرة وكلت إليه- هي رسم لوحات للعمدة يعقوب ماير وزوجته (١٥١٧). وذاع صيت هذه اللوحات، وما لبث يعقوب هرتنشتين أن استقدم هانز إلى لوسرن، وهناك رسم صوراً جصية على واجهة دار رب البيت وجدرانه، ورسم لوحة بندكت هرتنشتين المحفوظة الآن بمتحف المتروبوليتان بنيويورك. ولعله انتقل من لوسرن إلى إيطاليا، فقد أفصح فنه منذ الآن عن تأثير إيطالي من حيث دقة التشريح والخلفيات المعمارية وتكييف الضوء. فلما عاد إلى بال وقد بلغ الثانية والعشرين أقام لنفسه مرسماً وتزوج من أرملة (١٥١٩). وفي هذه السنة مات أخوه، وفي ١٥٢٤ مات أبوهما.
وامتزجت الواقعية الألمانية بالعمارة الرومانسكية والزخارف الكلاسيكية في الصور الدينية التي راح هولبين يرسمها الآن. وأنها لواقعية يجفل لها الناظر- وتذكر بمانتينيا- تلك التي تطالعنا في لوحة "المسيح في القبر"،