وفي عام ١٥٣٤ أسلم تومس كرمويل وجهه الجامد وجسده الهش لريشة هولبين، وكان مزمعاً أن يكون بشخصه مصداق هذه الحكمة. وعن طريق اتصل الفنان بأرفع الشخصيات في البلاط. ورسم لوحة "السفراء الفرنسيين" ووفق توفيقاً غير عادي في تصوير واحد منهم يدعى شارل دسولييه، إذ كشف عن الرجل المتواري خلف رداء المنصب وشارته. وهناك أربعة وآخرون- هم السر هنري جلفورد (مراقب البيت الملكي)، والسر نيكولاس كاريو (قيم الإسطبلات الملكية)، وروبرت تشيسمان (بازدار الملك) والدكتور جون تشيمبرز (طبيب الملك) - هؤلاء الأربعة تستشف في صورهم صفاقة في الجلد لولاها لاستحال عليهم العيش في مأمن مع هذا الملك الناري الطبع. وقد أصبح هولبين واحداً منهم حوالي ١٥٣٧ بوصفه المصور الرسمي للبلاط. وأفرد له مرسم خاص في قصر هوايتهول، ونزل مسكناً مريحاً، وكان له كغيره عشيقات وأبناء غير شرعيين، وغدا يرفل في الخز والأثواب البهية (٣٣). وطلب إليه أن يزخرف لحجرات، ويصمم الأثواب الرسمية، وأغلفة الكتب، والأسلحة، ومفارش المائدة، والأختام، والأزرار والمشابك الملكية، والأحجار الكريمة التي كان هنري يهديها إلى زوجاته، وفي عام ١٥٣٨ أوفده الملك إلى بروكسل ليصور الأميرة كرستين الدنمركية، وقد تبين أن فيها كثيراً من الفتنة، وود هنري لو اتخذها زوجة، لولا أنها اختارت الدوق فرانسوا اللوريني بدلاً منه، ولعلها آثرت أن تعلق في قاعة للصور عن أن يقطع رأسها. وانتهز هولبين الفرصة لزيارة بال زيارة قصيرة. وهناك عين راتباً سنوياً لزوجته قدره أربعون جلدراً (١. ٠٠٠ دولار؟) ثم أسرع بالعودة إلى لندن. وبعد عودته بقليل كلف بأن يصور آن كليفنز، وكاد هولبين أن يتنبأ بمصيرها في العينين الحزينتين اللتين تطالعانك من صورتها المحفوظة الآن باللوفر.