للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في رأيه عملية تجارية صريحة، ولا يخطر بباله أبداً أنه مما يخجله أن يُخضِع عاطفته للاعتبارات العملية في اختياره لزوجته، بل العكس هو أولى عنده بإثارة الخجل، ولو استباح لنفسه من الغرور ما نستبيحه نحن لأنفسنا، لسألنا عما يبرر التقليد الذي جرينا عليه وهو أن نربط رجلاً بامرأة إلى آخر الحياة تقريباً، لا لشيء سوى أن الرغبة الجنسية قد ربطت بينهما ببرقها الخاطف لمحة واحدة من الزمن، فالزواج عند الرجل البدائي لا يُنظر إليه على أساس التنظيم الجنسي، بل على أنه تعاون اقتصادي ولذلك كان يريد من المرأة، بل المرأة تريد من نفسها أن تكون نافعة نشيطة أكثر منها رشيقة جميلة (ولو أنه يقدر هذه الصفات فيها)، إذ لابد أن تكون له كسباً اقتصادياً، لا خسارة لا كسب من ورائها، وإلا لما فكر "الهمجي" الواقعي في الزواج إطلاقاً، الزواج عنده شركة تدر ربحاً، لا ضرب من ضروب الدعارة الخاصة، إنه طريقة تجعل الرجل والمرأة إذا ما تعاونا في العمل، أنجح في الحياة منهما لو عمل كل منهما مستقلا عن زميله؛ فحيثما وَجدَت في تاريخ المدنية مرحلة لا تكون فيها المرأة كسباً اقتصادياً في زواجها للرجل، فأعلم أن الزواج قد انهار بناؤه، وأحياناً تنهار المدنية بانهياره.