الكثيرون يؤمنون بأن الأمراض تنجم عن العين الشريرة أو غيرها من أعمال السحر، وأن في الإمكان شفائها بالجرعات السحرية-وهذا أيضاً لا يبعد كثيراً عن عاداتنا في هذه الأيام، وكان أكثر العلاج يعطى حسب موقع الكواكب، ومن هنا دراسة طلبة الطب للتنجيم.
وقد اقترب التنجيم من العلم لأنه افترض حكم القانون في الكون ولأنه اعتمد إلى حد كبير على التجربة. صحيح أن الاعتقاد بأن حركات النجوم ومواقعها هي التي تقرر الأحداث البشرية لم يكن شاملاً كما كان من قبل، ومع ذلك فقد كان في باريس ٣٠. ٠٠٠ منجم في القرن السادس عشر، (٨) كلهم على استعداد لكشف الطالع لقاء قطعة من النقود. وراجت التقاويم الحاوية لتنبؤات المنجمين رواجاً كبيراً. وقد قلدها رابليه ساخراً في "التنبؤات البنتاجرويلية" للسيد ألكوفريباس. ووافقه في هذه النقطة اللوثر والسوربون، فنددا بالتنجيم في جميع صوره. واستنكرت الكنيسة رسمياً تنبؤات المنجمين لأنها تتضمن معنى الحتمية وخضوع الكنيسة للنجوم؛ ومع ذلك فإن البابا بولس الثالث، وهو من أعظم مفكري ذلك العصر، كان على حد قول سفير في القصر البابوي، "يأبى أن يدعو لأي اجتماع هام لمجمع الكرادلة، وأن يخرج في أي رحلة، دون تخير للأيام الملائمة ورصد لحركات الأبراج". (٩) وكان فرانسوا الأول، وكاترين دمديتشي، وشارل التاسع، ويوليوس الثاني، وليو العاشر، وأدريان السادس- كانوا كلهم يستشيرون المنجمين (١٠). وقد غير ملانكتون تاريخ مولد لوثر ليهيئ له طالعاً أسعد، (١١) وتوسل إليه ألا يسافر والقمر هلال بعد (١٢).
وما زال أحد منجمي هذه الفترة مشهوراً، فالمنجم نوستراداموس كان بالفرنسية ميشيل دنوتردام. وقد زعم أنه طبيب وفلكي،