المذنبات والنيازك إن هي إلا كرات من النار يقذف بها إله غاضب (١)، ودخلت الكتب الرخيصة كل بيت قارئ، مؤكدة إمكان تحويل المعادن الخسيسة ذهباً. وكما ذكرت رواية معاصرة، كان "كل الخياطين والحذائين والخدم والخادمات الذين يسمعون ويقرأون عن هذه الأشياء يعطون كل ما يوفرون من نقود … للجائلين والمحتالين" من المشتغلين بهذه الخدع (٢). وقد ذكر مشعوذ يدعى وليم وتشرلي في محاكمته بإنجلترا عام ١٥٤٩ أن في الجزيرة خمسمائة مشعوذ مثله (٣). وكان الطلاب المتجولون في ألمانيا يبيعون الأحجبة الواقية من الساحرات والشياطين. وأقبل الجند على التعاويذ والطلاسم التي تكفل تحويل رصاص البنادق عن هدفه (٤). وكثيراً ما كان القداس يستعمل رقية لجلب المطر أو ضوء الشمس أو النصر في الحرب. وشاعت إقامة الصلوات استدراراً للمطر، وكانت أحياناً تبدو موفقة فوق ما يطلب، فتقرع أجراس الكنائس لتنبيه السماء إلى الكف عن المطر (٥). وفي ١٥٢٦ - ٣١ كان رهبان تروا يوقعون حرماً رسمياً على الديدان التي ابتليت بها المحاصيل، ولكنهم يضيفون إلى هذا أن الحرم لا يجدي إلا في الأطيان التي يدفع زراعها عشورهم للكنيسة (٦).
ولعل الأحداث التي نسبت إلى الشيطان كانت أكثر من تلك التي نسبت إلى الله. يقول كاتب بروتستنتي في عام ١٥٦٣ متفجعاً:"ندر أن تمر سنة دون أن نسمع بأبشع الأنباء من الإمارات والمدن والقرى عن الأساليب الفاجرة الرهيبة التي يحاول بها ملك الجحيم، بظهوره جسدياً أو في شتى الصور والأشكال، أن يطفئ النور الجديد الساطع، نور الإنجيل المقدس"(٧). وشارك لوثر عامة الناس في نسبة معظم الأمراض إلى الأرواح الشريرة التي تدخل الجسد-وهي فكرة لا تتناقض على أية حال تناقضاً تاماً مع نظريتنا الشائعة الآن. وكان