للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فبراير ١٥٢٤" حين يلتقي المشتري وزحل في برج الحوت، مما حمل مدينة تولوز على بناء فلك للاحتماء به، والأسر الشديدة الحيطة على خزن الطعام في قمم الجبال (٢٨). وكان أكثر الآلات الفلكية من مخلفات العصر الوسيط: كرات سماوية وأرضية، وعصا يعقوب، وإسطرلاب، وكرة ذات حَلَق، وربعيات واسطوانات، وساعات كبيرة، وبوصلات، وعدة أدوات أخرى ليس من بينها التلسكوب ولا الفوتوغرافيا. بهذا الجهاز استطاع كوبرنيق أن يزلزل الدنيا.

وميكولاي كوبرنيك هذا كما تدعوه بولندة، أو نيكلاس كوبرنيج كما تدعوه ألمانيا، أو نيكولاوس كوبرنيكوس كما يدعوه العلماء، ولد في ١٤٧٣ بمدينة تورن على نهر فستولا في بروسيا الغربية، وكان الفرسان التيوتون قد نزلوا عنها لبولندة قبل ذلك بسبع سنوات. وأمه من أسرة بروسية غنية، أما أبوه فقدم من كراكاو وأقام في تورن واشتغل بتجارة النحاس. ولما مات الأب (١٤٨٣) كفل أبناءه شقيق الأم، لوكاس فاتزيلرودي، أسقف إيرملاند وأميرها. وأرسل نيكولاس إلى جامعة كراكاو حين بلغ الثامنة عشرة ليعد نفسه للقسوسية. على أنه أقنع خاله بأن يسمح له بالدراسة في إيطاليا لأنه لم يحب الفلسفة الكلامية التي حظرت الدراسات الإنسانية. فعين بنفوذ خاله كاهناً (١) في كاتدرائية فراونبورج ببروسيا الشرقية البولندية، ثم منحه أجازة ثلاث سنوات.

وفي جامعة بولونيا (١٤٩٧ - ١٥٠٠) درس كوبرنيق الرياضيات، والفيزياء، والفلك. وكان من بين معلميه أستاذ اسمه دومنيكو دي


(١) " canon" من هيئة كهان الكاتدرائية، وليس من الضروري أن يكون قسيساً. وليس لدينا دليل واضح على أن كوبرنيق ارتقى من الرتب الدينية الصغرى إلى القسوسية قبل سني عمره الأخيرة. وفي ١٥٢٧ زكى لشغل وظيفة الأسقفية، مما يشير إلى أنه كان وقتها قسيساً. (٢٩)