الأفراد وهمٌ، وكل الموجود هو هذا الزبَّد المتطور المتحلل من مادة وعقل، وأجسام ونفوس، هذا من جهة ومن جهة أخرى هنالك الروح التي لا تتغير ولا تضطرب في خلودها الساكن.
مثل هذه الفلسفة لا يجدي في إراحة الإنسان إذا ما وجد عسراً في فصل نفسه عن بدنه المتألم وذكرياته المعذبة، لكنها فلسفة - فيما يظهر - قد عبرت تعبيراً صادقاً عن الحالة النفسية التي سادت الهند في تأملها الفلسفي؛ وليس هناك من المذاهب الفلسفية الأخرى - إذا استثنينا فيدانتا - ما أثر في العقل الهندي بمثل الأثر العميق الذي كان لهذه الفلسفة فيه؛ وإنا لنلمس أثر "كابيلا" في مثالية بوذا المصطبغة بالإلحاد وبالبحث عن كيفية وصول الإنسان إلى معرفته بالعالم، كما نلمس أثره في فكرة بوذا عن النرفانا، وكذلك نلمس أثر "كابيلا" الماهابهاراتا وفي تشريع مانو، وفي أشعار "البوراتا" وفي "التانترات" - وهي التي تُحَوّر "بوروشا" و "براكريتي" فتجعلهما مبدأي الذكورة والأنوثة اللذين جاءا بالخلق (٨٨)، ثم نلمس فوق هذا كله في مذهب "اليوجا" الذي لا يزيد على كونه تفريغاً لسانخيا من الناحية العملية، فهو يقوم على ما في سانخيا من آراء، ويستخدم ما فيها من عبارات؛ وليس لكابيلا أتباع مباشرون اليوم لأن العقل الهندي قد أسره "شانكارا" و "الفيدانتا"؛ لكن حكمة قديمة ما تزال ترفع صوتها في الهند حيناً بعد حين، ألا وهي:"ليس في ضروب العلم ما يوازي سانخيا من آراء، وليس في صنوف القوة ما يساوي اليوجا"(٨٩).