للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربما بإشرافه؛ ولا بد أن نضيف إلى هذا أن فيساليوس رسم عدة رسوم منها بيده. وقد رافق الكليشيهات الخشبية ساهراً على سلامتها في الرحلة على ظهر بغل من البندقية إلى بال عبر جبال الألب. وحين تم طبع الكتاب حفظت الكليشيهات بعناية، وفي تاريخ لاحق اشتريت، ثم تبودلت، ثم فقدت، وفي عام ١٨٩١ عثر عليها مخبأة في مكتبة جامعة ميونيخ، وقد دمرتها القنابل في الحرب العالمية الثانية.

أما الذي كان ينبغي أن يثير في النفس دهشة أعظم مما أثارته هذه الرسوم فهو النص-وهو نصر طباعي ولكنه غلى ذلك ثورة علمية-كان من صنع فتى لم يتجاوز التاسعة والعشرين. وهو ثورة لأنه أنهى سلطان جالينوس على التشريح، وراجع العلم كله بلغة التشريح، وبهذا أرسى دعائم الأساس الفيزيائي للطب الحديث، الذي يبدأ بهذا الكتاب. فهنا وصف لأول مرة سير الأوردة الصحيح وتشريح القلب؛ وهنا ورد ذلك القول الخطير، وهو أن التشريح البالغ الدقة لم يظهر أياً من تلك المسام التي افترض جالينوس أن الدم يمر عن طريقها من بطين إلى آخر؛ وبهذا أصح الطريق معبداً لسرفيتوس وكولومبو هارفي. وقد صححت أخطاء جالينوس المرة بعد المرة-فيما يتصل بالكبد، والقنوات المرارية، والفكين، والرحم. وقد ارتكب فيساليوس هو أيضاً أخطاء، حتى في المشاهدة، وأخفق في أن يقفز القفزة الكبرى من تشريح القلب إلى دورة الدم. ولكن هنا أوصاف صادقة لعشرات من الأعضاء لم تحظ قط بمثل هذا الوصف الدقيق من قبل، وفتح كل جزء من أجزاء الجسم للعلم بيد واثقة قديرة.

على أن فيساليوس عانى من عيوب فضائله. ذلك أن الكبرياء التي سندته طوال دراسته الموفقة جعلته سريع الغضب، بطيئاً في