من مختارات أنقلها عن أبقراط أو جالينوس. ولكنني بطول الكد والكدح خلقتها من جديد على أسس من الخبرة، التي هي أسمي معلم لجميع الأشياء. فإذا شئت إثبات شيء ما أفعل هذا بالنقل عن هؤلاء القدامى، بل بالتجربة والتفكير المبني عليها. فإن شعرت أيها القارئ العزيز بدافع يدفعك إلى إستكناه هذه الخفايا المقدسة، وإن شئت أن تسبر أغوار الطب في زمن وجيز، فأقبل إلى في بال … بال في ٥ يونيو ١٥٢٧" (٨٣).
وسجل ثلاثون طالباً أسماءهم في هذه الدراسة. وفي يوم الافتتاح طلع بارسيلسوس في الرداء الجامعي المألوف، ولكنه خلعه عنه لتوه، ووقف في ثوب الكيميائي الخشن ومئزرته الجلدية المتسخة بالسناج. وقد أقلى محاضرته في الطب مكتوبة بلاتينية أعدها له سكرتيره أوبورينوس (الذي طبع في تاريخ لاحق كتاب فيساليوس "فابريكا"، أما محاضرات الجراحة فألقاها بالألمانية. وكانت هذه صدمة جديدة للأطباء التقليديين، ولكنها لم تزعجهم بقدر ما أزعجهم رأي باراسيلوس وهو "أنه يجب ألا يؤدي الصيدلي عمله متواطئاً مع أي طبيب" (٨٤). وكأنه أراد أن يعلن على الملأ ازدراءه للطب التقليدي، فقذف في النار وهو مبتهج بنص طبي حديث لعله Summa Jacobii- وكان الطلاب قد أوقدوا النار احتفالاً بعيد القديس يوحنا (٢٤ يونيو ١٥٢٧)، ثم قال "لقد ألقيت في نار القديس يوحنا "بخلاصة" الكتب، حتى تصعد جميع المحن والبلايا في الهواء مع الدخان. وهكذا طهرت مملكة الطب من أدرانها". وقارن الناس بين هذه الحركة وبين إحراق لوثر لمرسوم أصدره البابا.