خروج محاضراته. يقول أوبورينوس "لقد أنفق العامين اللذين صحبته خلالهما في السكر والشره ليل نهار … وكان متلافاً، تأتي عليه أوقات لا يجد في جيبه فيها فلساً … وكان في كل شهر يوصي بصنع سترة جديدة، ويعطي القديمة لأول قادم، ولكنها كانت من القذارة بحيث لم أتمن قط سترة منها لنفسي (٨٦) " وقد ترك لنا هنريش بولينجر وصفاً لباراسيلسوس مماثلاً لهذا، فهو مدمن للخمر، "ورجل في منتهى القذارة (٨٧) " ولكن أوبورينوس يشهد بحالات عجيبة من الشفاء حققها أستاذه، "في علاج القرح أتى بما يقرب من المعجزات في حالات يئس منها غيره"(٨٨).
أما رجال الطب فقد برئوا منه دجالاً عاطلاً من الدرجة الجامعية، مجرباً مستهتراً، عاجزاً عن تشريح الجثث، جاهلاً بعلم التشريح. أما هو فقد عارض التشريح بحجة أن الأعضاء لا يمكن فهمها إلا وهي تؤدي وظيفتها في الجسم الحي أداءً متحداً طبيعياً. ورد على احتقار الأطباء له بلغة سوقية غاية في المرح. فسخر من وصفاتهم الوحشية، وقمصانهم الحريرية، وخواتمهم، وقفازاتهم الناعمة، ومشيتهم المتغطرسة، وتحداهم أن يخرجوا من حجرات الدرس إلى المعمل الكيميائي، وأن يرتدوا المآزر، ويوسخوا أيديهم بالعناصر الكيميائية وينحنوا فوق الأفران ليتعلموا أسرار الطبيعة بالتجربة وعرق الجبين. وقد عوض عن افتقاره إلى الدرجة الجامعة باتخاذ ألقاب مثل "أمير الفلسفة والطب" و "دكتور في فرعي الطب"(أي طبيب وجراح)، و "ناشر الفلسفة"، وداوى جراح غروره بالثقة في دعاواه. كتب يقول "سيتبعني الجميع، وستكون مملكة الطب مملكتي … كل الجامعات وكل الكتاب القدامى مجتمعين أقل مواهب من … "(٨٩). وإذ ألفى نفسه مرفوضاً