من الغير، فقد اتخذ لنفسه هذه الحكمة شعاراً "لا يملكنك أحد إذا استطعت أن تملك نفسك"(٩٠). أما التاريخ فقد وبخ تفاخره، إذ جعل لقب أسرته "بومباست" اسماً نكرة (بمعنى الفشر).
وحدث أن ظريفاً مجهول الاسم في بال-متواطئاً مع كلية الجامعة، أو في تمرد عفوي من الطلبة على مدرس دجماطي-كتب قصيدة هجائية لاذعة وعرضها في مكان ظاهر، والقصيدة باللاتينية الرديئة، توهم أن جالينوس نفسه هو الذي كتبها من "الجحيم" يرد بها على منتقص قدره، وقد سماه كاكوفراستوس-خطيب الروث. وهزأت الأبيات هزءاً شديداً بمصطلحات باراسيلسوس الغيبية، ونعتته بالجنون، وأشارت عليه بأن يشنق نفسه. وحاول باراسيلسوس أن يعثر على الجاني ففشل، لذلك طلب إلى مجلس المدينة أن يستجوب الطلاب واحداً واحداً ويعاقب المذنب. ولكن المجلس تجاهل الطلب. وحوالي هذه الفترة عرض قسيس في كاتدرائية بال أن يدفع مائة "جلدر" لمن يشفيه من مرضه، وشفاه باراسيلسوس في ثلاثة أيام، ودفع له القسيس ستة جلدرات، وأبى أن يدفع الباقي بحجة أن العلاج لم يسغرق سوى وقت قصير جداً. فقاضاه باراسيلسوس، ولكنه خسر دعواه، وخسر معها هدوء طبعه، فرمى نقاده بأنهم "غشاشون حكاكون للظهور"، ونشر نبذة غفلاً من اسم الكتاب رمى فيها رجال الدين والقضاء بالفساد؛ وأمر المجلس بالقبض عليه، ولكنه أجل تنفيذ الأمر حتى الصباح. وهرب باراسيلسوس تحت جنح الظلام (١٥١٨)، بعد أن قضى في بال ثمانية شهور.
وفي نورمبرج أعاد باختصار تجربته في بال. وكل إليه آباء المدينة مستشفى سجن، فاستخدم ألواناً من العلاج أثارت الإعجاب. ولكنه ندد بحساده من أطباء المدينة لافتقارهم إلى الذمة، ولثرائهم، ولبدانة نسائهم. ثم دافع عن الكاثوليكية حين لاحظ