أوربا. وظل بعضهم وفياً للكنيسة كفتوريا كولونيا، وطور آخرون تعاليمه فبلغوا بها الهرطقة السافرة. وقطعت رءوس ثلاثة من صغار تلاميذه وأحرقوا في نابلي عام ١٥٦٤، وكذلك كانت نهاية كارنيزيكي بروما في عام ١٥٦٧. أما جوليا جونزاجا فقد أنقذها موت البابا بولس الرابع، وكان رجلاً قاسياً لا يرحم، ودخلت ديراً للراهبات (١٥٦٦) وهكذا انتهت جماعة الإصلاح النابولية.
أما برناردينو أوكينو فقد جاز بكل مراحل التطور الديني. عاش في مدينة سيينا بقرب مسقط رأس القديسة كاترين، حياة تضارع حياتها تقوى وورعاً. وانضم إلى رهبان الفرنسسكان ولكنه وجد نظامهم أكثر رخاوة مما يلائم مزاجه، فانتقل إلى رهبنة الكبوشيين الأكثر صرامة. وقد عجب الرهبان من نكرانه النسكي لذاته، وإذلاله العنيف لجسده، ولما نصبوه وكيلاً عاماً لهم أحسوا أنهم اختاروا قديساً. وترددت مواعظه في أرجاء إيطاليا-في سيينا، وفلورنسة، والبندقية، ونابلي، وروما؛ إذ لم تسمع البلاد نظيرها حرارة أو بلاغة منذ عهد سافونارولا قبل ذلك بقرن. وذهب شارل الخامس ليسمعه، وتأثرت فتوريا كولونا به أعمق التأثر، أما بيترو أريتينو، الذي جرب كل الخطايا تقريباً، فقد حركه الاستماع إليه فانقلب مفرطاً في تقواه. وضاقت كل الكنائس بسامعيه على رحابتها، ولم يخطر ببال أحد أن هذا الرجل سيموت مهرطقاً.
ولكنه التقى بفالديس في نابلي، وبفضله ألم بمؤلفات لوثر وكالفن. ووافقت عقيدة التبرير بالإيمان روحه، فبدأ يلمح لها في عظاته. وفي عام ١٥٤٢ دعي للمثول أمام السفير البابوي في البندقية ومنع من الوعظ. وما لبث البابا بولس الثالث أن دعاه إلى روما ليناقش معه الآراء الدينية لبعض الرهبان الكبوشيين. ولعل أوكينو كان يثق بالبابا المستنير، ولكنه خاف ذراع محكمة التفتيش الطويلة، وحذره الكردينال كونتاريني من