الخطر المحدق به. وفجأة قرر قديس إيطاليا ومعبودها هذا، بعد أن التقى ببيتر فرميلي في فلورنسة، أن يحذو حذوه ويعبر جبال الألب إلى بلد بروتستنتي، وأعطاه أخ لفتوريا كولونا جواداً، وفي فرارا أعطته رينيه ثياباً. ومضى مخترقاً إقليم جريزون إلى زيوريخ ومنها إلى جنيف. وقد أبدى استحسانه للنظام البيورتاني الذي كان كالفن يرسي أسسه هناك، ولما كانت ألمانيته أقوى من فرنسيته فقد انتقل إلى بازل ثم إلى استراسبورج ثم إلى أوزبورج، محاولاً كسب قوته بلسانه أو قلمه. وفي عام ١٥٤٧ دخل شارل الخامس أوجزبورج سيداً على ألمانيا بعد أن سحق البروتستنت في مولبرج. ونمى إليه أن الراهب الكبوشي الذي سمعه في نابلي يعيش هناك رجلاً متزوجاً، فأمر القضاة بالقبض عليه، ولكنهم تستروا على فرار أوكينو، الذي هرب إلى زيوريخ وبازل. ولما أوشك زاده على النفاد، تلقى دعوة من رئيس الأساقفة كرامر للذهاب إلى إنجلترا. وهناك عكف على العمل بوصفه كاهناً فخرياً يتقاضى معاش تقاعد في كنتربري ست سنوات (١٥٤٧ - ٥٣)، وقد ألف كتاباً كان له أثر قوي في قصيدة ملتن "الفردوس المفقود"، ولكنه عجل بالعودة إلى سويسرة حين اعتلت ماري تيودور العرش.
وحصل على وظيفة راع للكنيسة في زيوريخ، ولكن الشعب استاء من آرائه التوحيدية، وطرد حين نشر حواراً بدا فيه المدافع عن تعدد الزوجات أقوى حجة من نصير الزواج الواحد. ومع أن ذلك كان في شهر ديسمبر (١٥٦٣)، فقد أمر بمغادرة المدينة خلال ثلاثة أسابيع. ورفضت بازل الإذن له بالإقامة فيها. وسمح له بالمكث فترة وجيزة في نورمبرج، وما لبث أن خرج بأسرته قاصداً بولندة، وكانت يومها بالقياس إلى غيرها ملاذاً للمريبين من المفكرين. واشتغل بالوعظ في كركاو زمناً ولكنه طرد حين نفى الملك جميع الأجانب غير الكاثوليك (١٥٦٤). وفي الطريق من بولندة إلى مورافيا قضى الطاعون على ثلاثة من أبنائه الأربعة. ولم