العالم كله وخسر نفسه؟ "، وساء السؤال زافير، ولكنه لم يستطع نسيانه. فبدأ ينضم إلى لويولا وفابر في رياضتهما الروحية، ولعل كبرياءه دفعته إلى مباراة زميله في القدرة على احتمال الحرمان والبرد والألم. وراحوا يجلدون أنفسهم، ويصومون، وينامون في قمص رقيقة على أرض حجرية غير مدفأة، ويقفون حفاة عراة تقريباً على الثلوج ليخشنوا أجسادهم وليخضعوها في الوقت ذاته، وبلغت التدريبات الروحية التي بدأت في مانريزا شكلاً أكثر تحدداً. وصاغتها إجناتيوس في كتيب على غرار "رياضة الحياة الروحية" (١٥٠٠) الذي وضعه الدون جارسيا دي كزنيروس، رئيس دير مونسترات البندكتي (٣٣)، ولكنه سكب في هذا القالب من حرارة العاطفة والخيال ما جعل كتيبه قوة محركة في التاريخ الحديث. وكانت نقطة البداية التي انطلق منها لويولا هي عصمة الكتاب المقدس والكنيسة، فهو يرى أن الحكم الفردي في الدين إنما هو ادعاء باطل مولد للفوضى تدعيه عقول ضعيفة متكبرة. "علينا دائماً أن نكون على استعداد للإيمان بأن ما يبدو لنا أبيض إنما هو أسود إذا عرفته كذلك الكنيسة ذات الكهنوت المسلسل (٣٤) " وعلينا إذا أردنا تجنب الهلاك الأبدي أن ندرب ذواتنا على أن نكون خداماً ممتثلين لله، وللكنيسة التي استخلفها الله على الأرض.
أما أول تدريب روحي فهو تذكرنا خطايانا الكثيرة، والتفكر في مقدار العقوبة الذي تستحقه. لقد حكم على الشيطان بالجحيم لخطيئة واحدة، أفليست كل خطية نقارفها تمرداً على الله كتمرد الشيطان؟ فلنحتفظ بحساب يومي لذنوبنا بعلامات على سطور تمثل الأيام، ولنحاول كل يوم أن ننقص عدد هذه العلامات. وفيما نحن راكعون في حجرتنا أو صومعتنا بعد إظلامها، لنتخيل الجحيم بأجلى ما نستطيع؛ يجب أن نستحضر كل فظائع هذه النار التي لا تموت، يجب أن نتصور عذاب