ويتعين على طالبي عضوية الجماعة أن يقضوا فترة اختبار من عامين، يدربون خلالهما على هدف الجماعة ونظامها، ويمارسون الرياضة الروحية، ويخضعون للرؤساء في "طاعة مقدسة" مطلقة. وعليهم أن يتخلوا عن إرادتهم الفردية، ويرتضوا أن يؤمروا كما يؤمر الجند، وينقلوا "كأنهم الجثث"(٣٩)، وعليهم أن يتعلموا الإحساس بأنهم بطاعتهم رؤساءهم إنما يطيعون الله. ويجب أن يوافقوا على إبلاغ رؤسائهم أخطاء زملائهم، وعلى ألا يستشعروا أي غضاضة في أن تبلغ أخطاؤهم لرؤسائهم (٤٠). لقد كان هذا النظام صارماً ولكن فيه تمييزاً ومرونة، وقل أن حطم الإرادة أو قضى على المبادرة. والظاهر أن الاستعداد للطاعة هو أول خطوة في تعلم الأمر، لأن هذا التدريب أخرج العدد الكبير من الرجال الأكفاء المغامرين.
والذين يطيقون فترة الاختبار القاسية هذه يأخذون على أنفسهم عهوداً "بسيطة"-أي قابلة للسحب-بالفقر والعفة والطاعة، ويدخلون "الطبقة الثانية". وبعض هؤلاء يمكثون على هذا الوضع اخوة علمانيين، وبعضهم "مدرسين مؤهلين" يبتغون القسوسية، ويدرسون الرياضيات والآداب القديمة والفلسفة واللاهوت، ويعلمون في المدارس والكليات. أما الذين يجوزون مزيداً من الاختبارات فيدخلون الطبقة الثالثة، طبقة "المساعدين المؤهلين"، وبعض هؤلاء قد يرقون إلى الطبقة الرابعة-طبقة "المنذورين"-وكلهم قساوسة يتعهدون خصيصاً بالاضطلاع بأي عمل أو بعثة يكلها إليهم البابا. وكان هؤلاء "المنذورون" عادة قلة صغيرة-لا تتجاوز أحياناً العُشر-بين أعضاء الجماعة كلها (٤١). وعلى الطبقات الأربع أن تعيش عيشة مشتركة كالرهبان، ولكن نظراً إلى واجباتهم الإدارية والتربوية الكثيرة فقد أعفوا من الالتزام الديري بتلاوة صلوات العبادة اليومية السبع ولم يطلب إليهم أي ممارسات نسكية، وإن جاز