البابوي الذي سلكه في زمرة القديسين (١٦٢٢)، فقد نسب إليه "موهبة الألسن"-أي القدرة على التحدث بأي لغة عند الحاجة، ولكن الحقيقة أن هذا القديس البطل كان لغوياً ضعيفاً ينفق الساعات الطويلة في حفظ المواعظ بالتأملية أو الملاوية أو اليابانية، وكان إيمانه أحياناً أشد من أن تسايره إنسانيته، فقد حث يوحنا الثالث ملك البرتغال على إنشاء محكمة للتفتيش في جوا (٤٦)، وأوصى بألا يرسم للقسوسية أي هندوسي ما لم ينحدر من أجيال عدة من الأسلاف المسيحيين، ولم يكن يطيق فكرة اعتراف برتغالي لقسيس وطني (٤٧). وأخيراً غادروا جوا لأنها بلد تتعدد فيه اللغات تعدداً لا يعينه على تحقيق أهدافه. قال "أريد أن أكون حيث لا يوجد مسلمون ولا يهود. أعطوني وثنيين خلصاً"(٤٨) -فلقد أحس أن الوثنيين أطوع إيماناً لأنهم أقل رسوخاً في دين آخر. وفي عام ١٥٤٩ قصد اليابان، ودرس اليابانية في طريقه إليها. ولما رسا في كاجوشيما، راح هو وزملاؤه يبشرون في الشوارع والناس يستمعون إليهم في أدب. وبعد عامين عاد إلى جوا، وقوم خللاً ظهر بين المسيحيين هناك، ثم أبحر ليبشر الصين (١٥٥٢). وبعد عناء شديد نزل جزيرة تشانج-تشوين، أسفل مصب نهر كانتون. وكان إمبراطور الصين قد قرر اعتبار دخول أوربي للصين جريمة كبرى، ومع ذلك ما كان هذا ليثني عزم زافير لو أنه وجد وسيلة للانتقال. وخلال انتظاره مرض، ثم فارق الحياة في ٢ ديسمبر ١٥٥٢ وهو يبكي قائلاً "فيك يا رب رجائي، فلا تجعلني ملعوناً إلى الأبد (٤٩) ". وكان إذ ذاك في السادسة والأربعين.
وقد تفانى اليسوعيون في عملهم في أوربا تفانيهم في البعثات الأجنبية. فلزموا أماكنهم وعنوا بالمرضى في فترات تفشي الطاعون (٤٨). وبشروا كل الطبقات، وكيفوا لغتهم وفق كل موقف. وجعلهم تعليمهم الممتاز وطباعهم المهذبة آباء الاعتراف المفضلين عند النساء والنبلاء، ثم عند