للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بجنوده المتمرسين بالقتال، البالغ عددهم ١٠. ٠٠٠، قوات البابا الضعيفة، واستولى على المدينة تلو المدينة، ونهب أناني، واستولى على أوستيا، وهدد روما (نوفمبر ١٥٥٦). وبارك بولس معاهدة بين فرنسا والعثمانيين، ولجأ وزير خارجيته، الكردينال كارلو كارافا، إلى سليمان القانوني ليهاجم نابلي وصقلية (١٩). وأرسل هنري الثاني جيشاً إلى إيطاليا يقوده فرانسوا دوق جيز، فاستعاد أوستيا، وهلل البابا، ولكن هزيمة الفرنسيين في سان-كنتان أكرهت جيز على العودة برجاله سريعاً إلى فرنسا، وزحف ألفاً على أبواب روما دون مقاومة. وولول أهل روما فرقاً، وودوا لو أن حبرهم الديني الطائش كان نزيل قبره (٢٠)، ورأى بولس أن المزيد من القتال قد يعيد "نهب روما" الرهيب، بل قد يحمل أسبانيا على الانفصال عن كنيسة روما. لذلك وقع في ١٢ سبتمبر ١٥٥٧ معاهدة صلح مع ألق، الذي عرض شروطاً سخية، واعتذر عن انتصاره، ولثم قدم البابا المغلوب (٢١). وردت إلى البابا جميع أراضيه التي سبق الاستيلاء عليها، ولكن السيادة الأسبانية على نابلي وميلان والبابوية تأكدت. وبلغ انتصار الكنيسة على الدولة منتهاه، حتى أن الأمراء الناخبين هم الذين توجوا فرديناند حين تسلم لقب الإمبراطور من شارل الخامس (١٥٥٨)، ولم يسمح لأي ممثل للبابا بالقيام بأي دور في مراسيم الاحتفال. وهكذا كانت نهاية تتويج البابوات لأباطرة الدولة الرومانية المقدسة، وتحقق آخر المطاف انتصار شارلمان في خلافه مع ليو الثالث.

والآن وقد تخفف بولس الرابع طوعاً أو كرهاً من أعباء الحرب، فإنه فرغ فيما بقي له من فترة بابويته للإصلاحات الكنسية والأخلاقية التي ذكرناها من قبل. وقد توجها بطرد وزيره الإباحي الكردينال كارلو كارافا، وإن جاء هذا الطرد متأخراً، وبنفي ابني أخ آخرين من روما؛ وكانا قد شوها سمعة بابويته. وأجليت عن الفاتيكان أخيراً سبة محاباة الأقرباء التي استشرت فيه قرناً من الزمان.