وفي مايو ١٥٤٦ أوفد بولس اثنين من اليسوعيين هما لاينيز وسالميرون ليساعدوا مندوبيه في الشئون اللاهوتية وفي الدفاع عن البابا؛ ثم انضم إليهما بيتر كانيزيوس وكلود لوجي. وما لبث تفقه اليسوعيين الذي لم يضارعهم فيه أحد أن أكسبهم نفوذاً طاغياً في المناقشات، وقاد إصرارهم على سلامة العقيدة المجمع إلى إعلان الحرب على أفكار الإصلاح البروتستنتي بدلاً من التماس التوفيق أو الوحدة. وكان حكم الأغلبية فيما يبدو أن أي تنازلات للبروتستنت لن ترأب الصدع؛ وأن الملل البروتستنتية تعددت وتنوعت بحيث لا يمكن لأي حل وسط أن يرضي بعضها دون أن يغضب البعض الآخر، وأن أي تغيير جوهري في العقائد التقليدية من شأنه أن يضعف بنيان الكاثوليكية العقائدي واستقرارها كله؛ وأن السماح للعلمانيين بالسلطات الكهنوتية سيفوض السلطة الأدبية للكهنوت والكنيسة، وأن هذه السلطة لا غنى عنها للنظام الاجتماعي؛ وأن لاهوتاً يرتكز بصراحة على الإيمان سيحبط نفسه إذا خضع لأهواء التفكير الفردي. وبناءً عليه فإن دورة المجمع الرابعة (أبريل ١٥٤٦) أكدت من جديد كل فقرة من فقرات العقيدة النقوية، وادعت سلطاناً متساوياً لتقليد الكنيسة وللكتاب المقدس، وأعطت الكنيسة الحق دون غيرها في شرح الكتاب وتفسيره، وأعلنت أن ترجمة جيروم اللاتينية هي الترجمة والنص النهائيان للكتاب. وتقرر أن القديس توما الأكويني هو الشارح العمدة للاهوت النقي من الشوائب، ورفع كتابه "خلاصة اللاهوت" إلى مقام لا يعلوه فيه إلا الكتاب المقدس والمراسيم البابوية (٣٩). وهكذا نرى أن الكاثوليكية بوصفها ديناً ذا سلطان معصوم بدأت عملياً من مجمع ترنت، وتبلورت على هيئة استجابة عنيدة لذلك التحدي الذي واجهتها به البروتستنتية، والعقلانية، والرأي الفردي. وانتهى بذلك "اتفاق الجنتلمان" بين كنيسة النهضة والطبقات المفكرة.