مرتبطان بالجسم والمادة، وهما من خصائص عالم التغير الذي يشبه في تغيره تصاوير الكاليدوسكوب وهذه النفوس التي لا تزيد على مجرد ظواهر زائلة، ستمضي بانقضاء الظروف المادية التي هي جزء منها، أما الحياة الكامنة وراءها والتي نحسها في دخائلنا حين ننسى المكان والزمان والسببية والتغير، هي جوهرنا الصميم وحقيقتنا الأصيلة؛ تلك هي "أتمان" التي نشترك فيها مع سائر النفوس والأشياء، والتي لا تتجزأ ولا يخلو منها مكان، وهي وبراهما، أي الله، شيء واحد بعينه (١١٣).
ولكن ما الله؟ إنه كما في النفس نفسان: الذات و "أتمان"، والعالم عالمان: عالم الظواهر وعالم الحقائق فكذلك الرب ربان: إشفارا، أي الخالق، وهو الذي تعبده عامة الناس لما يتبدى لهم من مكان وزمان وسببية وتغير، وبراهما أي الكائن الخالص، وهو الذي يعبده المتدينون المتفلسفون الذين يبحثون- ويجدون- حقيقة واحدة عامة وراء الأشياء والنفوس المستقل بعضها عن بعض؛ وتلك الحقيقة الواحدة لا تتغير وسط هذه التغيرات كلها، ولا تتجزأ رغم هذه الانقسامات كلها. أبدية رغم تغير الأشياء في صورها ورغم كل ما نشاهده من ولادة وموت؛ فتعدد الآلهة- بل العقيدة في وجود الله نفسها- نتيجة تتفرع عن عالم "المايا" و "الأفيديا"؛ وهي صور تعبدية تقابل صور الإدراك الحسي والتفكير؛ وهي ضرورية لحياتنا الخلقية على نحو ما يكون المكان والزمان والسببية عناصر ضرورية لحياتنا الفكرية، لكن حقيقتها ليست مطلقة، وليس لها صدق موضوعي في واقع الوجود (١١٤).
وليس وجود الله معضلة في رأي شانكارا، لأنه يعرّف الله بالوجود، ويجعل الكون الحقيقي كله والله شيئاً واحداً بعينه؛ أما عن وجود إله مشخص، يكون خالقاً ومُخَلّصاً، فقد يكون هناك- في رأيه- موضع للشك؛ مثل هذا الإله في مذهب هذا المفكر الذي سبق "كانت" في تفكيره، لا تمكن البرهنة عليه بالعقل، وكل ما نستطيعه إزاءه هو أن نفرض وجوده فرضاً باعتباره ضرورة عملية (١١٥) يهب الطمأنينة لعقولنا القاصرة والتشجيع