الرقابة الحكومية على التعليم الجيل وفق هذه التسوية التي دبرتها إليزابث، فيهدأ هذا الصراع الديني الذي يمزق البلاد، ويستتب السلام. إنها اتخذت من ترددها في موضوع الدين، مثل ترددها في أمر الزواج، وسيلة لخدمة أغراضها السياسية، وأبقت على أعدائها الأقوياء مذهولين ممزقين حتى أصبح في مقدورها أن تواجههم بحقيقة بارعة كاملة.
وحرضتها قوى كثيرة على استكمال الإصلاح الديني. وكتب إليها المصلحون الدينيون في أنحاء القارة شاكرين لها سلفاً إعادة العبادة الجديدة. وأثرت فيها رسائلهم. وكان الذين استولوا على الأراضي التي كانت ملكاً للكنيسة من قبل، ويرجون تسوية بروتستانتية. وأغرى سيسل إليزابث بان تجعل من نفسها زعيمة لأوربا البروتستانتية في لندن مشاعرهم بتحطيم تمثال للقديس توماس وإلقائه في عرض الطريق. وكان أول برلمان في عهدها- ٢٣ يناير- ٨ مايو (١٥٥٩) بروتستانتياً بأغلبية ساحقة، وتمت الموافقة على الاعتمادات التي طلبتها دون تحفظ أو إبطاء. ومن أجل توفيرها فرضت ضريبة على كل الأفراد، دينيين أو علمانيين. وصدر قانون التنسيق الجديد Act Of Uniformity (١٨ أبريل ١٥٥٩) وبمقتضاه أصبح "كتاب كرامر للصلوات العامة"، بعد مراجعته، هو قانون الطقوس الإنجليزية، وحرم كل ما عداه من الطقوس الدينية، وألغي القداس، وطلب إلى كل الإنجليز حضور صلوات يوم الأحد في الكنيسة الأنجليكانية، أو دفع غرامة قدرها شلن لمعونة الفقراء. وفي ٢٩ أبريل صدر "قانون السيادة" الجديد الذي نص على أن تكون إليزابث الحاكم الأعلى لإنجلترا في المسائل الروحية والزمنية على السواء. ووضع "قسم السيادة" يعترف بالسيادة الدينية للملكة، وكان من المحتم أن يؤدي هذا القسم كل رجال الدين والمحامين والمعلمين، والمتخرجين في الجامعات والحكام والقضاة وكل موظفي الكنيسة والتاج، وعهد إلى محكمة كنسية ذات سلطة عليا، تختار الحكومة أعضاءها، بإجراء التعيينات الكبرى في الكنيسة واتخاذ القرارات الكنسية. وأي دفاع عن سلطة البابا على إنجلترا كان عقابه السجن مدى الحياة لأول مخالفة والموت للثانية (١٥٦٣). ولم تأت سنة ١٥٩٠ حتى كانت