والصراع المتزايد مع أسبانيا وروما. وفي يونية ١٥٨٣ قدم أحد سفراء البابا إلى جريجوري الثالث عشر خطة تفصيلية لغزو إنجلترا بثلاثة جيوش في وقت واحد، من إيرلندا وفرنسا وأسبانيا، وأبدى البابا تقديره وتأييده لمشروع غزو إنجلترا، واتخذت الإجراءات اللازمة له (٧٣). ولكن الجواسيس الإنجليز تنسموا أخبار هذه التدابير، واتخذت إنجلترا ترتيبات مضادة، وأجل الغزو.
وثأر البرلمان بمزيد من تشريعات القمع. فكل القساوسة الذين رسموا منذ يونية ١٥٥٩ وظلوا على امتناعهم عن أداء "قسم السيادة"، طلب إليهم أن يغادروا البلاد في بحر أربعين يوماً، وإلا أعدموا بتهمة التآمر الموسوم بالخيانة العظمى، وشنق كل من آووهم أو أخفوهم (٧٠). وبمقتضى هذا القانون وغيره من القوانين أعدم في عهد إليزابث ١٢٣ قسيساً و٦٠ من العلمانيين، وربما قضى مائتان آخرون نحبهم في السجن (٧٥). واحتج بعض البروتستانت على قساوة هذا التشريع، وارتد بعضهم إلى الكاثوليكية. وفر وليم، حفيد سيسل إلى روما (١٥٨٥) واقسم يمين الطاعة للبابا (٧٦).
وكان معظم الكاثوليك الإنجليز يعارضون أي إجراء عنيف ضد الحكومة. وفي ١٥٨٥ وجهت زمرة منهم إلى الملكة إليزابث نداء أكدوا فيه ولاءهم، والتمسوا "النظر بعين العطف والرحمة إلى ما يعانون من شقاء". ولكن- وكأنما كان يؤيد ما زعمته الحكومة من أن إجراءاتها إنما تبررها الحرب- أصدر الكاردينال ألن (١٥٨٨) منشوراً قصد به شحذ همم الإنجليز الكاثوليك لمساندة هجوم أسبانيا الوشيك على إنجلترا. ودمغ الملكة بأنها "ابنة زنى حمل بها وولدت في الخطيئة لأم سيئة السمعة من محظيات البلاط" واتهمها "بأنها باعت جسدها ولوثته مع ليستر وكثيرين غيره، … مما يندى الجبين لذكره، وبما لا يصدق من ألوان الشهوة والفسق"، وأهاب بالكاثوليك في إنجلترا أن يهبوا في وجه هذه الهرطقية الفاسقة اللعينة المحرومة من الكنيسة"، "ووعد بأكبر التسامح والغفران كل من يعاون في خلع "رأس الخطيئة والمقت في هذا العصر (٧٧) " فما كان جواب الكاثوليك في إنجلترا ألا أن قاتلوا بمثل البسالة التي قاتل بها البروتستانت ضد الأسطول الأسباني" "الأرمادا".