للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأقسام والأشياء جميعاً، وأن يكون مندمجاً في سكينة، وفي اتحاد نرفاني خال من كل شهوة، بذلك المحيط الكوني العظيم الذي لا تصطرع فيه الغايات ولا تتنافس النفوس، وليس فيه أجزاء ولا تغير ولا مكان ولا زمان (١)؛ ولكي يظفر الإنسان بهذه السكينة السعيدة (التي تسمى أناندا) فلا يكفي الإنسان أن ينكر العالم، بل يجب إلى جانب ذلك أن ينكر ذاته؛ لا ينبغي أن يأبه لأملاك أو أدوات للمتاع، بل لا ينبغي أن يأبه حتى بخير أو شر؛ يجب أن ينظر إلى الألم والموت نظرته إلى "مايا"، أي حوادث تقع على سطح الجسم والمادة والزمان والتغير؛ ولا يجوز له أن يفكر فيما يصيب شخص من قضاء أو أن يفكر فيما له من خصائص؛ فلحظة واحدة يعني فيها بمصلحة ذاته أو يزهى فيها بنفسه كافية لهدم طريق الخلاص الذي يرجوه (١١٩)؛ إن أعمال الخير لا تهيئ للإنسان خلاصاً، لأن أعمال الخير إنما تكون ذات قيمة أو معنى في عالم " المايا " وحده، أي عالم المكان والزمان؛ ولا يأتي بإخلاص إلى معرفة القديس، وما الخلاص إلا في إدراك الاتحاد بين النفس والكون، "أتمان"


(١) راجع بليك في قوله: "سأغوص إلى حيث هلاك النفس والموت الأبدي. حتى لا يحين يوم الحساب فيجدني قائماً غير منعدم. وعندئذ يمسكون بي ويناولوني إلى نفسي من جديد". أو راجع قصيدة تنسن "الحكيم القديم": "لأكثر من مرة حين جلست وحيداً، أدير في نفسي كلمة هي رمز لنفسي فُكَّت عني حدود "النفس" التي تقضي عليها بالفناء. وانقضت عني إلى "المجهول" كما تذوب السحابة. في أسماء، ومسست أطرافي، فكانت الأطراف. غريبة عني، لم تكن أطرافي- ومع ذلك فليس ثمة من شك، وكل ما هنالك وضوح جلّيّ: وعن طريق فقداني لنفسي- كسبت حياة فسيحة الأرجاء تضارع هذه الحياة القائمة. إذا أشرقت في جنباتها الشمس- لا تطمسها ظلال الألفاظ. التي إن هي إلا ظلال في عالم من ظلال"