للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأمر فيها الكاثوليك بالانضمام إلى الأسبان لخلع مليكتهم "المغتصبة الهرطقية البغي (١٠٣) ". ورافق الأرمادا للمعاونة في إعادة الكاثوليكية إلى إنجلترا مئات من الرهبان تحت رياسة النائب الأسقفي العام لمحاكم التفتيش (١٠٤). وهزت روح دينية مخلصة مشاعر البحارة الأسبان وسادتهم، وآمنوا إيماناً عميقاً مخلصاً بأنهم كانوا يؤدون مهمة مقدسة، فأبعدوا البغايا، وانقطع التجديف والدنس، وامتنع القمار، وفي صباح اليوم التاسع والعشرين من مايو ١٥٨٨، حين أقلع الأسطول من لشبونه، تناول القربان المقدس كل من كان على ظهر السفن، وأقامت كل أسبانيا الصلوات.

وواتت الريح إليزابث، على حين واجه الأرمادا عاصفة مدمرة، فالتجأ إلى ميناء لاكورونا، حيث ضمد جراحه، وأقلع ثانية (١٢ يوليه). وانتظرته إنجلترا في مزيج محموم من الآراء المنقسمة والاستعدادات المتعجلة والعزيمة البائسة، والآن حانت الساعة لتنفق إليزابث الأموال التي كانت قد كنزتها في ثلاثين عاماً من التقتير والتهور والشرور، وهب شعبها في شجاعة وتصميم، كاثوليك وبروتستانت على السواء، لنجدتها، وتدرب الحرس الوطني المتطوع في المدن، وأمد تجار لندن الفرق بالمال اللازم، وطلب إليهم أن يجهزوا خمس عشرة سفينة، فأمدوها بثلاثين. وكان قد مضى على هوكنز عشر سنوات وهو يبني السفن لبحرية الملكة. وأصبح دريك الآن نائباً لأمير البحر، وأتى قراصنة البحر بسفنهم في انتظار اللقاء الحاسم. وفي أوائل يوليه ١٥٨٨ احتشد في بليموث للقاء العدو القادم، اثنتان وثمانون سفينة كاملة العدة، تحت أمرة شارل، لورد هوارد افنجهام، أمير البحر العام في إنجلترا.

وفي ١٩ يوليه (١) شوهدت طلائع الأرمادا عند مدخل القنال الإنجليزي. وأقلع الأسطول المدافع من بليموث، وفي اليوم الحادي والعشرين بدأ العمل. وانتظر الأسبان حتى يقترب الإنجليز منهم إلى حد يكفي ليناوش الواحد منهم الآخر، ولكن


(١) التقويم القديم، وهو أسبق بعشرة أيام من الجريجوري الذي اقتبس في أسبانيا ١٥٨٢، ولكن لم يؤخذ به في إنجلترا إلا في ١٧٥١.