وأجاز نسبة ١٠% سعراً الفائدة. ولما ازداد التعامل في الأسهم أنشئت سوق الأوراق المالية (البورصة) لتبادل ملكية الأسهم والبضائع. وسك مزيد من النقود المتداولة ليتسنى شراء السلع وبيعها. وفي ١٥٦٦ أسس جريشام "البورصة الملكية" لتقوم بمثل هذه العمليات التجارية والمالية. وفي ١٥٨٣ أصدرت أقدم "بوليصة" تأمين على الحياة (١٧).
ونمت الروح التجارية مذ أصبحت لندن واحدة من أسواق ومراكز العالم المزدهرة. وتألقت الشوارع غير المضاءة بما تكدس فيها من بضائع. وحكم جواب آفاق طاف بأقطار كثيرة، بأن منشئات الصياغ في لندن أفخم مثيلاتها في أي مكان آخر في العالم (١٨). وجن جنون أصحاب الأعمال للحصول على دور لهم، واستعمل بعضهم صحن كاتدرائية سانت بول مقراً مؤقتاً لمكاتبهم، وكلهم ثقة بأن "المسيح" كان قد غير رأيه منذ ظهر كلفن، وهناك تعامل المحامون مع عملائهم، وأحصى الناس المال فوق المقابر، وفي الفناء باع الباعة المتجولون الخبز واللحم والسمك والفاكهة والجعة والبيرة، وتدافعت حشود المشاة والباعة المتجولون والمركبات وعربات النقل في الشوارع الضيقة الموحلة. واستخدم نهر التايمز كطريق رئيسي تمر به مراكب نقل البضائع والمعديات ومراكب النزهة، وكاد يوجد في كل نقطة فيه مجدف أو معد معه قارب، مستعد لنقل البضائع أو الركاب عبر النهر، ضد التيار، أو مع التيار. ومن ثم كانت صيحاتهم العالية (نداءاتهم للركاب): "شرقاً" أو "غرباً"، التي أخذت عنها عنوانات "روايات جاكوب". وكان النهر، إذا زالت عنه رائحته-نعمة كبرى للتجارة والنزهة والعشاق، وخليقة للمشاهد المسرحية الفخمة والمساكن الفاخرة. وكان جسر لندن الذي بني في ١٢٠٩ مفخرة المدينة، والطريق الوحيد بين طرفيها الشمالي والجنوبي. وتخصص الجنوب في الحانات والمسارح والمواخير والسجون. أما الشمالي فكان المركز الرئيسي الأعمال. وهنا كان التاجر هو السيد، وكان اللورد صاحب اللقب يدخل بعد السماح له بالدخول. وكانت الشخصيات الملكية والنبلاء يقطن معظمهم في قصور خارج لندن. وكان حي وستمنستر، مقر البرلمان آنذاك، مدينة منفصلة. وهناك أيضاً أجبرهم رجل الأعمال