الذين نددوا أشد التنديد بالنساء والرجال الذين لم يعودوا يلقون بالاً إلى أهوال الجحيم أو يؤمنون بها. ويحتمل ألا يكون الناس في مجموعهم شراً أو خيراً عما كانوا عليه من قبل، ولكن، كما تشددت الأقلية البيوريتانية في أخلاقها وقترت في أموالها واقتصدت في بنات شفاهها، كذلك اتفقت أقلية وثنية مع الإيطاليين على أن التمتع بالحياة، أفضل من إرهاق أنفسنا بالتفكير في الموت دون جدوى. ويمكن أن تكون الأنبذة الإيطالية، التي كان الناس يقبلون عليها في إنجلترا، قد ساعدت على الإباحية في الأخلاق، وبالمثل على توسيع الشرايين، وكان ذلك أبقى أثراً. وربما جاء من إيطاليا ومن فرنسا ومن الآداب القديمة، معنى أصرح إحساساً بالجمال. ولو أن هذا المعنى جلل بشيء من الحزن نتيجة شعور أقوى بقصر عمر الجمال. وحتى جمال الشاب النضير كان يثير الناس في عصر إليزابث أشد إثارة. وأجرى مارلو (في روايته دكتور فاوست) على لسان ميفستوفيلس. امتدحه لفاوست على انه أجمل من السموات. وتأرجحت قصائد شكسبير ( Sonnet تتألف من ١٤ بيتاً) بين عشق المرء لأفراد جنسه وعشقه لأفراد الجنس الآخر. ولم يعد جمال المرأة مجرد خيال شعري، ولكنه ثمل سرى في الدم وفي الآداب وفي البلاط، وحول القراصنة إلى شعراء. وجمع نساء البلاط الظرف وخفة الدم إلى التجميل والتطرية فسحرن ألباب الرجال كما أسرن قلوبهم. وكان في التواضع إغراء بالاقتناص ومضاعفة لسلطان الجمال. وضاعت الابتهالات إلى مريم العذراء وسط استنكار العذرية والانتقاص من قدرها. وتفجر الحب الرومانتيكي في الأغاني مع حرارة الرغبة المتمنعة. وابتهج النساء إذ رأين الرجال يقتتلن من أجلهن، وأسلمن أنفسهن، بالزواج أو بغيره، لمن تكون له الغلبة. وكان من سمات اضمحلال سلطان العقيدة أن موافقة الكنيسة أو مراسمها لم تعد الآن مطلوبة لصحة الزواج، ولو أن الاعتراف به كان يعتبر إساءة للناموس العام، تمييزاً له عن القانون. وكانت معظم الزيجات تدبر عن طريق الوالدين، بعد إطراء متبادل لمزايا الطرفين، ومن ثم تصبح معبودة الساعة المشدوهة، ربة بيت متحررة من الأوهام، منصرفة بكليتها إلى أولادها ومهامها الشاقة، هكذا يعمّر الجنس البشري.