الفكرة إلا صورة من مذهب عودة الروح إلى التقمص في أجساد كثيرة.
إن أوروبا في عصرنا هذا تزداد أخذاً من فلسفة الشرق (١) كما يزداد الشرق أخذاً من علوم الغرب؛ ويجوز أن تنشأ حرب عالمية أخرى فتفتح أبواب أوروبا (كما انفتحت اليونان عند تحطم إمبراطورية الإسكندر، وكما انفتحت روما عند سقوط الجمهورية الرومانية) بحيث تتدفق فيها فلسفات الشرق وعقائده؛ فثورة الشرق على الغرب ثورة متزايدة، وفقدان الأسواق الآسيوية التي كان من شأنها أن تقيم صناعة الغرب وازدهاره، وضعف أوروبا لما يصيبها من فقر وانقسام وثورة، كل ذلك قد يجعل من هذه القارة المنقسمة على بعضها غنيمة سهلة لديانة جديدة تجعل الناس يعقدون رجاءهم في السماء، ويفقدون الأمل في الأرض؛ ويجوز جداً أن يكون الهوى وحده هو الذي يجعل مثل هذا المصير مستحيلاً في رأي الناس في أمريكا، لأن السكينة والاستسلام لا تتلاءم مع الجو الكهربائي الذي نعيش فيه، أو مع الحيوية التي تنشئ عن مصادر الثروة الغزيرة والأرض الفسيحة الأرجاء؛ ولا شك في أن مناخنا سيكون لنا في نهاية الأمر درعاً واقية.