الفيلسوف إلا وصفاً كلامياً لا يستوقف النظر ولا ينفذ إلى الأعماق ولا يتسم بالرؤية الروحية قدر ما للصورة من هذا كله (٢١).
وعلى هذا فان الشعر، في نظر سدني، يشمل كل الأدب التخيلي التصويري: الدراما، النظم، النثر التصويري. "ليست القوافي والأوزان هي التي تصنع الشعر. وقد يكون ثمة شاعر بلا أوزان، وقد يكون ثمة ناظم دون أن يكون شاعراً". لقد جمع سدني بين التعليم الأخلاقي والنموذج. وفي نفس العام الذي أخرج فيه "الدفاع عن الشعر" شرع في كتابه "جنة كونتيس بمبروك". وكانت أخته هذه من أكثر سيدات هذا القرن جمالاً وجاذبية. ولدت ١٥٦١، أي أنها تصغر فيليب بنحو سبع سنوات. وتلقت من التعليم قدر ما احتملت، بما في ذلك اللاتينية واليونانية والعبرية، ولكن فتنتها لم تذبل. وأصبحت عضواً في آل بيت إليزابث ورافقتها في رحلتها الملكية. وأسهم خالها ليستر في المهر الذي مكنها من الزواج من هنري ارل بمبروك. وكما يقول أوبري "كانت داعرة شديدة الشهوة للرجال فاتخذت بعضاً من الخلان أو العشاق لتكمل زوجها"، ولكن هذا لم يمنع فيليب من تقديسها، وكتابة "الجنة" بناء على طلبها.
واتخذ فيليب من "جنة" سانازارو (١٥٠٤) مثلاً يحتذيه، فتخيل في تفصيل شديد وفي يسر، عالماً من الأمراء والشجعان والأميرات الرفيعات التهذيب، ومعارك الفروسية والأقنعة المحيرة والمناظر الطبيعية الساحرة. "إن جمال أفروديت (يورانيا) هو أعظم شيء يمكن أن يعرضه العالم، ولكنه أقل ما يمدح فيها (٢٢) " وكان بللاديوس يتمتع ببصيرة نافذة مجردة من التباهي والتفاخر، وأفكار عالية تتسم باللياقة وحسن الأدب، وكانت الكلمات تخرج من فيه في فصاحة عذبة ولكنها لا تسعفه في التعبير. كما كان يتحلى بسلوك نبيل إلى حد أنه أضفى جلالاً على المحنة (٢٣). "ومن الواضح أن سدني قرأ يوفيس، فالقصة متاهة غزلية، لقد تنكر بيروكليز في زي امرأة ليكون قريباً من فيلوكليا الجميلة، ولكنها تخيب أمله بحبها إياه على أنه أخت لها، ويقع أبوها في غرامه حين حسب أنه سيدة، وتقع أمها أيضاً في غرامه حين أدركت أنه رجل، ومهما يكن من أمر فان كل شيء ينتهي طبقاً لما