وأثارت هذه القرصنة والإنتحالات اثنين من زملاءه السابقين: جون همنج وهنري كوندل، فأصدر في ١٦٢٣ "الكتاب الأول"، وهو مجلد من القطع الكبير به نحو ٩٠٠ صحيفة على نهرين، يضم النص الموثوق لست وثلاثين رواية. وجاء في تصدير الكتاب "إننا لم نفعل إلا أن أدينا خدمة للراقد تحت التراب، ولم نبغ من وراء ذلك ربحاً لنا أو شهرة، بل نهدف إلأى تخليد ذكرى صديق عظيم ماثل بيننا … شكسبير" وكان يمكن شراء المجلد آنذاك بجنيه واحد. أما النسخ الباقية حتى الآن؛ وعددها مائتان تقريباً، فتقدر قيمة الواحدة منها بسبعة عشر ألفاً من الجنيهات، أي أغلى قيمة من أي كتاب آخر، باستثناء إنجيل جوتنبرج.
وتأرجحت شهرة شكسبير بشكل عجيب من حين لآخر. ففي ١٦٣٠ امتدحه ملتون وقال "شكسبير الأعز، ثمرة الذوق والفن". ولكن على عهد البيوريتانيين، حين أغلقت المسارح ١٦٤٢ - ١٦٦٠، جبت شهرة الشاعر، وعادت بعودة الملكية. وفي الصورة التي رسمها فان ديك لسير جون سكلنج (والمحفوظة بقاعة فريك في نيويورك)، ترى سكلنج يمسك "بالكتاب الأول" مفتوحاً على رواية هملت. ويمتدح دريدن، معجزة أواخر القرن السابع عشر، شكسبير على أنه "من بين الشعراء الحديثين، وربما القدامى أيضاً، أعظم نفس وأوسعها إدراكاً .. وكان دوماً عظيماً إذا عرضت له مناسبة عظيمة" ولكن "كثيراً ما انحط فنه الهزلي (الملهاة) التافه الفاتر إلى فن مرهق ثقيل تضيق النفوس به ذرعاً، كما انحط تمثيله الجاد إلى مجرد كلام منمق طنان (١٠٢) … " وذكر جون افلين في مفكرته (١٦٦٠)"أن الروايات القديمة تثير اشمئزاز هذا العهد المهذب، حيث أن صاحب الجلالة عاش طويلاً في الخارج" ويقصد بهذا أن شارل الثاني والملكين العائدين جلبوا معهم إلى إنجلترا المعايير المسرحية من فرنسا، وسرعان ما أخرج المسرح بعد عودة الملكية أشد الروايات دعارة وفجوراً في الأدب الحديث، وظلت روايات شكسبير تمثل، ولكن عادة، بعد تعديلها بمعرفة دريدن أو أتواي Otway أو غيرهما ممن يمثلون ذوق "عودة الملكية".