للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيء بلا حدود، قال توماس راندولف سفير إليزابث: "لقد أولته كل ألوان الجلال والرفعة وألقاب الشرف، ولا ينشرح صدرها لأي رجل لا يرضى عنه الملك الفتي، وتنازلت عن إرادتها من أجله هو (٢٦) .. "ولكن الحظ السعيد أفسد عقل الفتى، فأصبح دكتاتوراً مستبداً وقحاً وطالب بأن يشارك الملكة سلطانها. وفي نفس الوقت أقام الحفلات الصاخبة وأسرف في الشراب، وأبعد المجلس، وأصابته نوبات من الحقد، وارتاب في أن ماري ترتكب الزنى مع دافيد رتيشو.

ومن يكون رتبشو هذا؟ أنه موسيقار إيطالي كان قد قدم إلى اسكتلندة ١٥٦٠، وهو في سن الثامنة والعشرين، في معية السفير (من سافوي). ولما كانت ماري مولعة بالموسيقى، فقد ألحقته بخدمتها كمنظم للمهرجانات الموسيقية، ولقد سعدت بفطنته وسرعة بديهيته، وتنوع ثقافته التي اكتسبها من القارة (أوربا). ولما كان يعرف الفرنسية واللاتينية معرفة جيدة، ويكتب بلغة إيطالية جميلة، فقد اتخذته كذلك سكرتيراً لها، وسرعان ما عهدت إليه بإعداد مراسلاتها الأجنبية وكتابتها. وأصبح مستشاراً لها، وبات قوة لا يستهان بها، وأسهم في توجيه السياسة. وجلس إلى مائدة الملكة يشاركها غذائها، وخلا بها أحياناً إلى ساعة متأخرة من الليل. ومذ رأى النبلاء الإسكتلندين أن رتيشو قد نحاهم عن مكانتهم وحل محلهم، وارتابوا في أنه يناصر الكاثوليك، فإنهم تآمروا على تدميره.

وكان الإيطالي الداهية في بداية الأمر قد سحر لب دارنلي نفسه، فكانا يسرحان ويمرحان معاً وينامان معاً، ولكن على حين أن المهام المنوطة برتشيو وامتيازاته وتكريمه والحفاوة به زادت، فإن حماقة دارنلي هبطت به إلى مستوى العجز السياسي، فانقلب حب الملك للخادم الذي أصبح وزيراً إلى مقت وبغض. ولما حملت الملكة ماري ذهبت الظنون بالملك إلى أنها حملت بولد رتشيو. واعتقد روندولف في صحة هذا بل إنه في الجيل التالي أبدى كواتر ملاحظة ساخرة فقال إن جيمس الول ملك إنجلترا لا بد أن يكون "سليمان الحديث" طالما أن أباه هو دافيد العازف على القيثارة (٢٧). وإذ لعب الويسكي يوماً برأس دارلني، وألهب جرأته، انضم إلى