للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يبغض من كل قلبه، ويناضل في بسالة وجرأة، ويستنفد آخر خفقة من الطاقة الجبارة إلى حد لا يصدق لإرادته الحديدية. وما جاء عام ١٥٧٢ حتى كان قد استنزف قوته، فلم يعد يستطيع المشي- إلا إذا أعانه عليه أحد. ولكنه كان يلوذ بمن يأخذ بيده يوم الأحد حتى يصل إلى المنبر في كنيسة سانت جيلز St. Giles وألقى آخر موعظة له في ٩ نوفمبر ١٥٧٢، ورافقه كل شعب الكنيسة إلى مسكنه، ووافاه الأجل في ٢٤ نوفمبر، وهو في السابعة والستين من العمر، فقيراً كيوم ولدته أمه. "إنه لم يتجر بكلمة الرب" وترك للأعقاب أن تحكم عليه. لن يدرك هذا العهد الجحود ماذا كان بالنسبة لبلدي، ومع ذلك فإن الأجيال القادمة سوف تضطر أن تكون شواهد عدل على الحقيقة. (٥٥) إن قلة من الناس هي التي أثرت تأثيراً حاسماً في معتقدات الشعب، وإن قلة من أهل عصره ضارعته في تشجيعه للتعليم وفي التعصب وفي ضبط النفس. ولقد اقتسم نوكس وماري روح إسكتلندة، وكان هو يمثل الإصلاح الديني، وهي تمثل عصر النهضة، واندحرت ماري لأنها- شأنها شأن إليزابث- لم تعرف كيف تزاوج بينهما.

وحاولت ماري- مثل نمر قلق هائج حبيس- كل إمكانات الهرب ووسائله. وفي ١٥٧١ قام روبرتودي ريدولفي، وهو فلورنسي من أصحاب المصارف ذوي النشاط في لندن- قام بدور الوساطة بين ماري والسفير الأسباني، وأسقف روسي، ودوق ألفا، وفيليب ملك أسبانيا، والبابا بيوس الخامس. واقترح أن يرسل ألفا إلى إنجلترا قوات أسبانية من الأراضي الوطيئة، وأن تغزو إنجلترا في نفس الوقت قوة كاثوليكية من إسكتلندة، وأن تخلع إليزابث عن العرش، وتنصب ماري ملكة على إنجلترا وإسكتلندة، وأن يتزوجها نورفولك بهذه الخطة، فلم يوافق عليها موافقة صريحة، ولم يكشف عنها لأحد. وأقرتها ماري بصفة مؤقتة. (٥٦) ودفع البابا لريدولفي بعض المال على ذمة المشروع، ووعد بأن يوصي فيليب بقبوله، ولكن فيليب علق رأيه على موافقة ألفا الذي دمغ المشروع بالسخافة والحمق، على أنه مشروع خيالي، وأنه لن ينتهي لا بكارثة على أصدقاء ماري. وضبطت رسائل ريدولفي ونورفولك لدى من قبض عليهم من خدم ماري والدوق. وأودع السجن