بحريتها، ويعيد إليها سلطاتها في الشئون القضائية والضبط، ويلغي نظام الأساقفة. وعاد المنفيون.
وإذ اشتدت جرأة ملفيل عن ذي قبل، واجه جيمس بقوله:"خادم الرب الأبله، وألقى عليه الحقيقة اللاهوتية التي لا ريب فيها، في ١٥٩٦، بمثل الثبات ورباطة الجأش اللتين واجه بهما جريجوري السابع الإمبراطور هنري الرابع قبل ذلك بخمسمائة عام (١٠٧٧) فقال: "إن في إسكتلندة ملكين ومملكتين. فهناك يسوع المسيح ومملكته، وهي في الكنيسة، وأحد رعاياها الملك جيمس … وما هو يملك ولا رئيس ولا لورد، ولكن مجرد عضو (٨)". وقال-دافيد بلاك-وهو قسيس كنيسة سانت أندروز، لجماعة المصلين (١٥٩٦) إن جميع الملوك أبناء للشيطان، وأن إليزابث كافرة ملحدة. وأن جيمس هو الشيطان بعينه (٩). واحتج السفير الإنجليزي، واستدعى مجلس الشورى القس بلاك للتحقيق، فأبى أن يذهب قائلاً إن الجرم الذي يرتكب من فوق المنبر لا يخضع إلا لمحكمة الكنيسة، هذا فضلاً عن أنه تلقى رسالته من عند الله. وأمر جيمس بمحاكمته غيابياً. فذهبت إليه لجنة من القساوسة، ولكن الملك لم يعالج الأمر بنجاح، بل على العكس، طالب بأن تخضع لتصديقه كل قرارات الجمعية الكنسية والبرلمان. ودعا القساوسة إلى صوم عام، وأعلنوا منذرين متشائمين، أنه مهما حدث من شيء "فإنهم أبرياء من دم جلالته (١٠) ".
وتجمع حشد من المشاغبين حول المبنى الذي كان يقيم فيه جيمس (١٧ ديسمبر ١٥٩٦) فهرب إلى قصر هوليرود. وفي صباح اليوم التالي غادر أدنبرة مع كل حاشيته. وأعلن إلى سكانها، عن طريق مناد ينطق باسمه، أنها لم تعد تصلح لتكون عاصمة، وأنه لن يعود إليها إلا لتنفيذ الحكم على الثوار والعصاة، وأمر كل الأكليروس وغير المتوطنين بمغادرة المدينة. ولما لم يجد المشاغبون أحداً ليقتلوه، تفرقوا. وحزن التجار على فقدانهم ما كان يعود عليهم من ربح في التعامل مع الحاشية. وتساءل المواطنون في دهشة: هل كان النزاع يستحق الاستشهاد الاقتصادي، وعاد جيمس إلى المدينة في ظفر مشوب بالغضب (١ يناير ١٥٩٧)،