وعرضت الجمعية العامة المنعقدة في برث، خضوع الكنيسة الوطنية الاسكتلندية، ووافقت على ألا يعين أي قسيس في المدن الرئيسية دون موافقة الملك وشعب الكنيسة، وألا يتعرض القساوسة في خطبهم لقرارات البرلمان أو مجلس الشورى، وألا يهاجموا شخص أي إنسان من فوق المنبر. وسمح للقساوسة البروتستانت بعد ذلك بالعودة إلى العاصمة (١٥٩٧). ولكن أعيد نظام الأساقفة. وغطت هدنة كئيبة منكودة على الحرب القديمة بين الكنيسة والدولة.
وبرزت في الأدب الاسكتلندي تلك في الحقبة شخصيتان عظيمتان: الملك نفسه، وأشهر معلميه. وكانت سيرة حياة جورج بوكانان مدهشة، فقد ولد في سترلنجشير في ١٥٠٦، ودرس في باريس، وخدم العلم في فرنسا وإسكتلندة، ونهل الحماسة الفلسفية والسياسية من محاضرات جون ميجر، وعاد من أجل الحب والعلم إلى باريس: ورجع أدراجه إلى إسكتلندة هرطيقاً هجاءً لاذعاً، وأودعه السجن الكاردينال بيتون، فهرب إلى بوردو، وقام هناك بتدريس اللاتينية، وكتب قصائد ومسرحيات بلغة لاتينية جيدة إلى حد كبير، وشاهد تلميذه مونتاني يمثل في إحدى هذه الزاويات، ورأس إحدى الكليات في كوامبرا، وسجنته محكمة التفتيش الأسبانية لسخريته من الأخوة (في فرقة دينية)، وعاد إلى إسكتلندة وفرنسا، ثم إسكتلندة حيث تولى تعليم ماري ملكة إسكتلندة (١٥٦٢)، وعين رئيساً للجمعية العامة (١٥٦٧) وأعلن صحة "رسائل الصندوق الفضي" واتهم بتزييف قسم منها (١١). وأدان-ماري بلا هوادة ولا رحمة في كتابه "كشف النقاب عن حكم ماري"(١٥٧١) وتولى التدريس لابنها على الرغم من اعتراضها على ذلك، وتخلى عن هذه المهمة (١٥٨٢). وجد وجاهد في كتابه "تاريخ إسكتلندة"(١٥٧٩) لتخليص تاريخ بلاده من "القيود الإنجليزية والغرور الإسكتلندي". وأكد من جديد في رسالته "الحكم الشرعي في إسكتلندة"-على الرغم من تلميذه الذي سيصبح عما قريب ملكاً مستبداً-أكد نظرية العصور الوسطى القائلة بأن المصدر الوحيد للسلطة السياسية، بعد الله، هو الشعب، وأن كل مجتمع يرتكز على عقد اجتماع ضمني يقوم على التزامات وقيود متبادلة بين المحكومين والحكام،