الإنجليز ومثلهم من الاسكتلنديين، والذي يرأسه روبرت سيسل الذي عينه إرل سالسبوري (١٦٠٥). وورث سيسل كل شيء إلا الصحة. فقد أقعده عن الحركة ظهره الأحدب، حتى بات منظره يبعث على الحزن والأسى. ولكنه تحلى بكل ما كان لأبيه من فطنة في اختيار الرجال وتوجيههم، وتشبث صامت وكياسة ماكرة، تفوق بها جميعاً على منافسيه المحليين وعلى أفراد أي بلاط أجنبي. ولما مات "كلب الصيد الصغير" وقع جيمس تحت سيطرة شاب وسيم هو روبرت كار، وعينه إرل سومرست، فهيأ له أن يخلف في مجال السياسة والإدارة، من هم أكبر منه سناً، وأكثر صقلاً وعلماً، مثل فرانسيس بيكون وإدوارد كوك.
وكان كوك تجسيداً للقانون، وحارساً أميناً عليه، أشهرته محاكمته للورد إسكس في ١٦٠٠، ورالي في ١٦٠٣، والمشتركين في مؤامرة البارود في ١٦٠٥. وخرج على الناس في ١٦١٠ برأي تاريخي:
يبدو في كتبنا أنه في حالات كثيرة، يطغى القانون العام على قرارات البرلمان، وفي بعض الأحيان يعتبرها باطلة. لأنه إذا كان قرار البرلمان مخالفاً للحق العام أو العقل .... أو يستحيل تطبيقه، فإن القانون العام لا بد أن يلغيه أو يقضي عليه بالبطلان (١٨).
وربما كان البرلمان لا يستسيغ مثل هذا الرأي، ولكن جيمس عين كوك رئيساً للمحكمة العليا (١٦١٣) وعضواً في مجلس الشورى. وانقلب من كونه رجل الملك، إلى رجل يزعج الملك ويقض مضجعه، يستنكر البحث أو التحقيق في الآراء الخاصة، ويؤيد حرية أعضاء البرلمان في الكلام، وتناول بالتجريح سلطة الملك المطلقة في مذكرات لاذعة تؤكد أن الملوك ليسوا إلا خدماً للقانون. وفي ١٦١٦ اتهمه منافسه بيكون بارتكاب أعمال محظورة، وعزل كوك، ثم أعيد إلى البرلمان ليستمر في تزعم حركة المقاومة ضد الملك. وأودع سجن لندن ١٦٢١، ولكن سرعان ما أطلق سراحه. ومات غير نادم (١٦٣٤)، مخلصاً أشد الإخلاص لنصوص القانون