والتنجيمية، والقديمة والفلسفية. وحسب أساتذة الجامعة أول الأمر أنه "مرح فكه ظريف" ولنه أصبح في حياته فيما بعد مكتئباً إلى حد أنه لم يكن يسره ويسعده إلا بذاءة بحارة الزوارق في نهر التاميز (٥٠). وللتخلص من كآبته "التهم""بيرتون""المؤلفين" الذين أمدته بهم مكتبة بودليان. وفي هذه الكتب وفي مخطوطه وفي علم التنجيم وفي الخدمات الكهنوتية، قضى أيامه الكئيبة ولياليه الممتلئة بالنجوم. وحسب طالعه الخاص، وتنبأ باليوم الذي سيوافيه فيه الأجل المحتوم بدقة، إلى حد أن تلاميذ أكسفورد ارتابوا في أنه شنق نفسه ليثبت أنه يعلم الغيب (٥١).
أنه نشيط مفعم بالحيوية في كتابه. ولما شرع في فحص وسواس المرض عنده ووصف العلاج له، وجد أن الاستطراد ألطف من خطته. وبالمرح الشاذ، الذي يشبه مرح رابليه في موضوعاته غير المطروقة، ناقش كل شيء عن غير قصد كما كان يفعل مونتاني، ويتبل صفحاته هنا وهناك بشيء من اللاتينية واليونانية، ويغري قارئه شيئاً فشيئاً بشكل لطيف، إلى لا شيء، وهو لا يدعي الأصالة، ويشعر بأن كل التأليف سرقة، "ما أرانا نقول إلا معاداً من لفظنا مكرراً، وربما كان الإنشاء والمنهج من عندنا فحسب (٥٢). " ويعترف بأنه عرف الدنيا عن طريق الكتب وعن طريق الأنباء التي تتسرب إلى أكسفورد فحسب.
أني لأسمع أنباء جديدة كل يوم، كما أسمع الإشاعات العادية عن الحرب والطاعون والحرائق والفيضانات والسرقات، وحوادث القتل والمذابح والنيازك والمذنبات والأطياف والأعاجيب والأشباح، وعن المدن التي تم الاستيلاء عليها، والمدن التي حوصرت في فرنسا وألمانيا وتركيا، وإيران وبولندة .... الخ والتجمعات والاستعدادات اليومية وغيرها، مما يتم في هذه الأيام العاصفة، فتنشب المعارك، ويذبح كثير من الرجال، كما نسمع عن غرق السفن وأعمال القرصنة والمعارك البحرية، ثم الصلح وتكوين العصبات، ثم عن خدع حربية وإنذارات جديدة، إنها فوضى هائلة من العهود