كتاب قصة الحضارة

الدعوة إلى العقل - ٢ - العلوم - ج: 28 - ص: 247

وكان علم الفلك لا يزال ينضح بالتنجيم. وكان تنجيم "الساعة" يقرر هل تلائم النجوم مشروع الساعة أو لا تلائمه. وتنبأ التنجيم "الشرعي أو القضائي" بالأحداث عامة، في تعميم غامض متسم بالحكمة عادة. أما التنجيم "الطبيعي" فكان يكشف عن قدر الفرد وحظه من برجه-أي اختبار موقع النجوم ساعة مولده-وكل هذا موجود في روايات شكسبير (ولو أن لا يدل على إيمانه به)، وفي أيامنا هذه. وتقول نظرية التنجيم بأن القمر يحدث المد والجزر، والبكاء، والجنون، واللصوصية (رواية شكسبير هنري الرابع ١ - ٢ - ١٥). وكانت كل علامة في البروج تتحكم في طبيعة وفي مصير أعضاء بعينها في جسم الإنسان (الليلة الثانية عشرة الفصل الأول، ٣ - ١٤٦ - ١٥١). واستخدم جون دي Dee الرموز في الزمن بإدماج التنجيم والسحر والرياضيات والجغرافيا، واشتغل بالعرافة البلورية وكتب Treatise Of The Rosia Crucean Secrets، واتهم بممارسة السحر ضد الملكة ماري تيودور (١٥٥٥) ورسم خرائط جغرافية ومائية للملكة اليزابث. واقترح طريقاً عبر الشمال الغربي إلى الصين. وابتدع عبارة "الإمبراطورية البريطانية" وألقى محاضرات عن أقليدس أمام جماهير غفيرة في باريس، ودافع عن نظرية كويرنيكس، وأيد استخدام التقويم الجريجوري (قبل أن تروض إنجلترا نفسها على هذه البدعة البابوية بمائة وسبعين عاماً). ومات عن إحدى وثمانين سنة، وكانت حياة حافلة. وعزز تلميذه توماس دجز Digges تقبل فرضية كوبرنيكس في إنجلترا، واستبق فكرة برونو عن الكون اللانهائي (١٢). واستخدم توماس وأبوه ليونارد دجز "العدسات البلورية" ومن المحتمل أنها كانت بشيراً بظهور التلسكوب. واخترع وليم جاسكوان (حوالي ١٦٣٩) المصغر (المكرومتر: أداة تستعمل مع التلسكوب أو في الميكروسكوب لقياس الأبعاد والزوايا البالغة الصغر) الذي مكن الراصدين من ضبط التلسكوب بدقة لم يسبق لها مثيل. أما أرميا هوروكس، وهو قسيس فقير من لنكشير مات في سن الرابعة والعشرين، فقال أن للقمر مداراً بيضوياً. وتنبأ-كما رصد (١٦٣٩) لأول مرة سجلها التاريخ- انتقال الزهرة حول الشمس. وساعدت تأملاته في القوى التي