عقد العزم على ان ينشر على الفور كل ما يستطيع إنجازه، حتى يبقى، في حال وفاته، موجزاً أو خطة لما كان قد فكر فيه. إن كل المطامح بدت لناظريه هزلية ضئيلة إذا قورنت بالعلم الذي هو بصدده (٣٥).
وجعل إهداء المشروع برمته إلى جيمس الأول مع رجاء المعذرة "لأني سرقت من الوقت المخصص لإنجاز المهام التي وكلتها إلى، وقتاً اقتضاه هذا العمل"، ولكن مع أكبر الأمل في "أن يكون في نتيجته تخليد لذكرى اسمك وتشريف لعهدك"-وهذا ما حدث، فان جيمس كان رجلاً معروفاً بسعة الإطلاع والنوايا الطيبة، فلو أمكن إقناعه بتمويل الخطة، فأي تقدم كان يمكن تحقيقه؟ وكما كان روجر بيكون قد أرسل قبل ذلك بزمن طويل (١٢٦٨) إلى البابا كليمنت الرابع "العمل العظيم" يتلمس منه العون على تنفيذ اقتراح بالنهوض بالعلم والمعرفة، فان سمية أهاب الآن بالملك أن يأخذ على عاتقه "مهمة ملكية" هي تنظيم البحث العلمي، والتوحيد الفلسفي لنتائجه، من أجل الخير المادي والأدبي للجنس البشري. وذكر جيمس "بالملوك الفلاسفة"-نرفا، تراجان، هادريان، أنطونينوس، بيوس، ماركوس أوريليوس، الذين هيئوا للإمبراطورية الرومانية حكومة فاضلة لمدة قرن من الزمان (٩٦ - ١٨٠) بعد الميلاد. فهل كان من أجل حاجته إلى الاعتمادات الحكومية وأمله في الحصول عليها، أنه أيد الملك بمثل هذا العناد والإصرار، وبشكل جر عليه الخراب؟.
وفي مقدمة أخرى طلب بيكون من القارئ أن يلقي نظرة على العلم السائد وقد هلهلته الأخطاء، وركد بشكل مخز. لأن:
"العباقرة العظام، على تعاقب العصور، كانوا يرغمون على الانحراف عن طريقهم، إن الرجال ذوي القدرة والفكر، فوق مستوى السوقة، كان يسرهم، من أجل الشهرة، أن ينحنوا أمام حكم الزمن والجماهير، وهكذا