فإن أي تفكير من مستوى رفيع ظهر في أي مكان، كانت تعصف به رياح الأفكار السوقية (٣٦)".
ولكي يهدئ من روع رجال اللاهوت الذين كانوا متسلطين على الشعب أو الملك، فان بيكون حذر قراءه من أن "يقصروا معنى" ما يضطلع به "في حدود الواجب، فيما يتعلق بالمسائل الإلهية أو الدينية". وتنصل من أي قصد له في التعرض للعقائد أو الشئون الدينية. "إن المهمة التي بين يدي ليست رأياً يجب اعتناقه، بل هي عمل يجب القيام به … إني لا أكد وانصب في وضع أساس أي مذهب أو نظرية، بل أساس منفعة الإنسان وقوته (٣٧)". واستحث الآخرين أن يقبلوا عليه وينضموا إليه في عمله، ووثق في أن الأجيال المتعاقبة ستواصله.
وفي نشرة تمهيدية رائعة عرض بيكون خطة للمشروع:
فأولاً، يمكن أن يحاول تصنيفاً جديداً للعلوم القائمة أو المرغوب فيها، ويفرد لها مسائلها ومجالات البحث فيها، وهذا هو ما أنجزه في "النهوض بالمعرفة"، الذي ترجمه ووسع فيه كتاب (التوسع في العلوم) ١٦٢٣، حتى يصل إلى القراء في القارة.
ثانياً:، يمكن أن يتفحص مواطن الضعف في المنطق المعاصر، ويسعى إلى "استغلال أدق وأكمل للعقل ابشري" مما صاغه أرسطو في رسائله المنطقية، المعروفة في جملتها باسم Organon، وهذا ما فعله بيكون في كتابه Novum Organum (١٦٢٠) .
ثالثاً: يمكن أن يشرع "تاريخ طبيعي""لظواهر الكون"-الفلك، الفيزياء، البيولوجيا.
رابعاً: يمكن أن يعرض في "سلم الفكر" نماذج من التحقيق العلمي، طبقاً لطريقته الجديدة.
خامساً: يمكن أن يصف مثل هذه الأشياء، بوصفها بشائر،: كما كشفتها أنا بنفسي".