حد لا يهيئ له الوقت الكافي للبحث الخاص. وحاول شيئاً من هذا دون نتيجة تذكر … وتخلف كثيراً عن تقدم العلم المعاصر. ونبذ آراء كوبرنيكس الفلكية، ولكنه أورد أسباباً وجيهة لذلك (٧٤). وتجاهل كبلر وجاليليو ونابيير. وكثيراً ما تنبه (كما حدث في "القارة الجديدة") إلى دور ملكة الخيال والافتراض والاستنباط في البحث العلمي، ولكنه ظل ينتقص من أهميته، وأتى اقتراحه بطول الأناة في تجميع الحقائق وتصنيفها، بأحسن النتائج في علم الفلك، حيث زودت الأرصاد النجمية والتسجيلات التي قام بها آلاف الباحثين-زودت كوبرنيكس بمادة استقرائية، لاستنباطاته الثورية، ولكنها لم تكن قريبة الشبه بالطرق الفعلية التي كشفت في عصره قوانين حركات الكواكب وتوابع المشتري وجاذبية الأرض والدورة الدموية.
ولم يزعم بيكون أنه اكتشف الاستقراء، وعرف أن أناساً كثيرون مارسوه من قبل. ولم يكن أول من "أطاح" بأرسطو. فان رجالاً مثل روجر بيكون، وبترس راموس، فعلاً هذا لعدة قرون خلت. ولكن أرسطو الذي أطاحوا به (كما تحقق بيكون أحياناً) لم يكن أرسطو الإغريق الذي كان كثيراً ما استخدم وامتدح الاستقراء والتجريب، ولكن أرسطو الفيلسوف الذي صنعه العرب وأتباع الفلسفة السكولاستية (الفلسفة النصرانية في العصور الوسطى). إن الذي أراد بيكون أن يقضي عليه هو المحاولة الخاطئة لاستنباط عقائد العصور الوسطى من الميتافيزقيا القديمة، لقد ساعد بيكون على أية حال، على تخليص أوربا النهضة من الإذعان البالغ التزمت للقديم.
ولم يكن أول من أكد أن المعرفة طريق القوة. فقد فعل روجر بيكون هذا من قبل، وقال كامبانللا، في بلاغة بيكون:"إن قوتنا تتناسب مع معرفتنا (٧٥) ". وربما أفرط رجل الدولة في الإلحاح على الغايات النفعية (طبقاً لمذهب المنفعة) للعلوم. ومع ذلك فانه أقر بقيمة "العلوم البحتة" بمقارنتها "بالعلوم التطبيقية"-تمييزاً "لنور العلم" عن "ثماره". وحث على دراسة الغايات والوسائل بقدر سواء، وأدرك أن قرناً من الاختراع لا بد أن يخلق مشاكل كبرى،