للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعليمي، أو المناخ الذي ولدت فيه، .... ولكن لأني

في أيام نضجي وحكمي السليم على الأمور، عرفت كل

الأديان وخبرتها (٣٩).

ويحس براون بأن عجائب الدنيا، ونظامها تنم على عقل إلهي- "إن الطبيعة غي فن الإله (٤٠) " ويعترف بأنه ارتكب بعض الهرطقة، وينزلق إلى شيء من الارتياب فيما جاء بالكتاب المقدس عن الخلق والتكوين (٤١)، ولكنه الآن يحس بالحاجة إلى ديانة مقررة ترشد الحائرين والمترددين من الناس، ويرثى لتفاهة الهراطقة الذين يعكرون صفو النظام الاجتماعي بتوفيقهم في عملهم (٤٢). ولم يكن يحب البيوريتانيين، وبقي على ولائه وإخلاصه لشارل الأول، أثناء الحرب الأهلية، وكافأه شارل الثاني على جهوده برفعه إلى مرتبة الفارس.

وفي سنواته الأخيرة أغراه بالتأمل والبحث في الموت، والكشف عن بعض المقابر في نورفولك، وسجل ملاحظاته وأفكاره في تحفة من روائع النثر الإنجليزي غير ذات موضوع محدد: Hydriotaphia Urne-Buriall. (١٦٥٨) . وينصح بإحراق الموتى، كأخف الوسائل عقماً لتخليص الأرض منا. "إن الحياة بريق صاف، وإننا لنعيش "بشمس" خفية فينا"، ولكنا نومض ثم نخبو بسرعة مخزية، وإن الأجيال لتمضي، على حين يبقى الشجر، وان الأسرات العريقة لا تعمر قدر ما تعمر ثلاث بلوطات (٤١) "ويحتمل أن العالم نفسه" يقترب من نهايته "في هذه الساعة الفاصلة من الزمن". ونحن بحاجة إلى الأمل في الخلود ليثبتنا ضد قصر الحياة هذا، وإنه لسند قوي لنا أن نحس بالخلود، -ولكن يحزننا أشد الحزن أن تدفعنا أطياف الجحيم في التياع إلى الاحتشام واللياقة (٤٤). وليس الملأ الأعلى "فراغاً سماوياً" ولكنه "في نطاق هذا العالم المحسوس" في حالة من الرضا والهدوء. ولكن براون يستدرك بسرعة حتى لا ينزلق إلى هاوية الهرطقة، فيختم تأملاته الدينية بدعاء خاشع إلى الله:

اللهم أنعم على في هذه الحياة براحة الضمير، وبالسيطرة