للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان بكنجهام يقبض آنذاك على زمام الأمور في الحكومة، فإن شارل لم يرث عن أبيه الدوق اللطيف المستهتر فقط، بل أنه كان كذلك قد تربى في أحضانه، ورافقه في أسفاره، في صحبة كان من الصعب معها على الملك (شارل) أن يرى في صديقه مستشاراً غير حكيم يجر عليه الكوارث. وكان بكنجهام، بتأييد من البرلمان، قد دفع جيمس إلى الحرب مع أسبانيا، أما الآن فقد رفض البرلمان اعتماد الموال اللازمة للحرب. وجهز الدوق أسطولاً ضخماً ليقلع ويهاجم البضائع والثغور الأسبانية ويسلبها، ولكنه أخفق إخفاقاً تاماً، أما الجنود العائدون، الذين لم يتسلموا رواتبهم، والذين ساءت روحهم المعنوية، فقد أعملوا السلب والنهب ونشروا الروح الانهزامية في المدن الساحلية الإنجليزية.

ولما أشتد حاجة شارل إلى المال، راض نفسه على دعوة برلمانه الثاني، وقويت المعارضة باشتداد حاجة الملك. وحذره مجلس العموم من فرض الضرائب دون إقرار البرلمان لها. ووصم اليوت الدوق (وكانا يوماً صديقين) بأنه رجل فاسد عاجز ازداد ثراء كلما أخفقت استراتيجية البلد أو سياستها. وعين البرلمان لجنة لمساءلة بكنجهام. فأنبه الملك قائلاً: "أنا لا أسمح بأن يحقق المجلس مع خدمي، فما بالكم برجل قريب مني إلى هذا الحد. " فأشار اليوت على المجلس بوقف أية اعتمادات حتى يسلم الملك بحق البرلمان في إسقاط أي وزير، وذكر شارل البرلمان غاضباً، بأن في مقدوره أن يفضه في أية لحظة، فرد المجلس على ذلك بمحاكمة بكنجهام رسمياً-متهمين إياه بالخيانة ومطالبين بعزله عن منصبه (٨ مايو ١٦٢٦ وأبلغ الملك بأنه لن يقر أية اعتمادات، حتى يتم ذلك. فحل الملك البرلمان في ١٥ يونية، وترك البت في موضوع المسئولية الوزارية للمستقبل.

وبات شارل مرة أخرى معوزاً في مسيس الحاجة إلى المال، وبيع مقدار كبير من الصحاف الملكية الفضية والذهبية. وطلب إلى البلاد بأسرها أن تبعث بالهبات والهدايا للملك، ولكن ما جمع منها كان يسيراً، فإن الثروات البريطانية كانت تناصر البرلمان، وأمر شارل أعوانه أن يجمعوا رسوم الصادرات والواردات سالفة الذكر، برغم عدم حصوله على موافقة البرلمان، وأن يستولوا على بضائع التجار