هذه قصيدة زاخرة بألوانها المتباينة ومتناقضاتها الميتافيزيقية والخلقية التي تصور أضداد الحياة وتعقيدها؛ وإنه ليأخذنا شئ من الدهشة أن نرى الإنسان متمسكاً بما يبدو لنا موقفاً أسمى من الوجهة الخلقية، بينما الإله يدافع عن الحرب والقتل، معتمدا على أساس متهافت وهو أن الحياة غير قابلة للقتل، والفردية وَهْم لا حقيقة فيه؛ ولعل ما أراد المؤلف أن يحققه بقصيدته هو أن ينقذ الروح الهندية من الهمود المميت الذي فرضته العقيدة البوذية، وأن يوقظها لتحارب من أجل الهند؛ فهي بمثابة ثورة رجل من الكشاترية أحسّ أن الدين يوهن أمته، وارتأى في زهو أن هنالك أشياء كثيرة أنفَس من السلام؛ وقبل كل شئ كانت هذه القصيدة درساً لو حفظته الهند لجاز أن يصون لها حريتها.
وأما ثانية الملاحم الهندية فهي أشهر الأسفار الهندية وأحبها إلى النفوس (٣٥) وهي أقرب إلى أفهام الغربيين من "الماهابهاراتا"؛ وأعني بها "رامايانا"، وهي أقصر من زميلتها الأولى، إذ لا يزيد طولها على ألف صفحة قوام الصفحة منها ثمانية وأربعون سطراً؛ وعلى الرغم من أنها كذلك أخذت تزداد بالإضافات من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثاني بعد الميلاد، فإن تلك الإضافات فيها أقل عدداً مما في زميلتها، ولا تهوش الموضوع الأصلي كثيراً؛ ويعزو الرواة هذه القصيدة إلى رجل يسمى "فالميكي"، وهو كنظيره المؤلف المزعوم للملحمة الأخرى الأكبر منها، يظهر في الحكاية شخصية من شخصياتها ولكن الأرجح أن القصيدة من إنشاء عدد كبير من المنشدين العابرين، أمثال أولئك الذين لا يزالون ينشدون هاتين الملحمتين، وقد يظلون يتابعون إنشادهما تسعين ليلة متعاقبة، على مستمعين مأخوذين بما فيها من سحر (٣٦).
وكما أن "الماهابهاراتا" تشبه "الإلياذة" في كونها قصة حرب عظيمة