ما صنعت أيديهم (٨٨). وعندما أراد ضابط مشيخي أن يطرد-من الفرقة ضابطاً برتبة مقدم من أنصار تجديد التعميد (إعادة تعميد البالغين ورفض تعميد الأطفال)، اعترض عليه كرومويل قائلاً. "سيدي، إن الدولة حين تختار موظفيها لا تلقي بالاً إلى آرائهم، طالما أنهم جادون في خدمتها بإخلاص، وهذا يكفي (٨٩) ". وفي ١٦٤٤ طلب إلى البرلمان "أن يلتمس وسيلة ما للتسامح، وفقاً لما جاء في الكتاب المقدس، مع ذوي النفوس الضعيفة الذين لا يستطيعون في كل الأحوال أن يخضعوا لحكم الكنيسة (٩٠) ". وتجاهل البرلمان هذا المطلب، ولكن كرومويل ظل يمارس تسامحاً نسبياً في فرقته، وطوال سيطرته على إنجلترا.
وكان ارتقاء كرومويل إلى مرتبة القيادة مفاجأة من مفاجآت الحرب. إنه شارك لورد فردياندو فيرفاكس أمجاد النصر في ونسبي (١١ أكتوبر ١٦٤٣). ولقد هزم فيرفاكس في مارستن مور (٢ يولية ١٦٤٤) ولكن رجال كرومويل "الحديديون" أنقذوا الموقف. إن قواداً برلمانيين آخرين، مثل إرل اسكس وإرل مانشستر، تراجعوا أو عجزوا عن متابعة انتصارهم وأقر مانشستر صراحة بعدم رغبته في الإطاحة بالملك. وبغية التخلص من هؤلاء القادة ذوي الألقاب، واقترح كرومويل "قرار إنكار الذات"(٩ ديسمبر ١٦٤٤)، يعتزل كل أعضاء البرلمان بمقتضاه قياداتهم. وهزم الاقتراح، ولكن عرض من جديد وأقر (٣ أبريل ١٦٤٥). واعتزل اسكس ومانشستر، وعين توماس فيرفاكس-ابن فرديناندو-قائداً أعلى-وسرعان ما عين كرومويل قائداً للفرسان، وأمر البرلمان بتكوين جيش "على طراز جديد"، من ٢٢ ألف جندي، وأخذ كرومويل على عاتقه مهمة تدريبه.
ولم يكن لدى كرومويل سابق خبرة عسكرية قبل الحرب. ولكن قوة شخصيته وخلقه، وثبات أرادته وصموده لتحقيق الهدف، وبراعته في التلاعب بالأحاسيس الدينية والسياسية لدى الناس، كل أولئك هيأ له القدرة على تشكيل قواته على نظام فذ وولاء فريد. فكان المذهب البيوريتاني يضارع الخلق الإسبارطي في صنع جنود لا يقهرون، انهم لم "يؤدوا القسم مثل الفرسان"، بل على النقيض من ذلك