واستاء البرلمان؛ وهو آنذاك "مشيخي". لما ينطوي عليه من خطر، وجود جيش عرمرم مزعج، في مكان قريب، وهو جيش مستقل ذو قوة. فأقر مشروعاً بتسريح نصفه، وتسجيل الباقي متطوعين للخدمة في إيرلندة. فطالب الجنود بمتأخر رواتبهم، فأقر البرلمان صرف جزء منها والباقي وعوداً. ورفض الجنود أن يتفرقوا إلا إذا دفعت استحقاقاتهم ورواتبهم كاملة. وجدد البرلمان المفاوضات مع الملك، وكاد أن يصل معه إلى اتفاق على إعادته إلى العرش، شريطة قبوله "الميثاق" لمدة ثلاثة أعوام. وحذر الملك من قبول هذا العرض، ولكن جماعة من الفرسان هاجمت هولمبي هاوس وأسرت الملك، واقتادته إلى نيوماركت (٣ - ٥ يونية ١٦٤٧)، وأسرع كرومويل إلى نيوماركت، وجعل من نفسه رئيساً "لمجلس من الجيش"، وفي ١٠ يناير بدأ الجيش مسيرة غير متعرجة إلى لندن .. وفي الطريق أرسل إلى البرلمان أعلاناً صاغه أساساً صهر كرومويل القدير، هنري أيرتون Ireton، ندد فيه باستبداد البرلمان الذي لم يكن خيراً من استبداد الملك، وطالب بانتخاب برلمان جديد مع توسع في حق الانتخاب. ووقع البرلمان بين نارين، فإن التجار والصناع وأهل لندن كانوا يخشون احتلال الجيش للمدينة، وطالبوا، في صخب شديد بعودة الملك، وفق أية شروط كانت، تقريباً. وفي ٢٦ يولية اقتحمت الجموع البرلمان وأرغموه على دعوة الملك إلى لندن، ووضع المليشيا تحت قيادة المشيخيين. وترك سبعة وستون من "المستقلين" البرلمان إلى جيش.
ودخلت القوات لندن في ٦ أغسطس، وأتوا بالملك معهم، وأعيد "المستقلون" السبعة والستون إلى أماكنهم في البرلمان، الذي سيطر عليه الجيش منذ تلك اللحظة إلى أن قبض كرومويل على زمام الأمور. ولم تشب تصرفات الجيش شائبة من الفوضى أو التشويش، ولم تكن مجردة من المبادئ، بل حافظ على النظام في المدينة، وفي القوات المسلحة نفسها؛ بل إن الأجيال التالية أجازت مطالبه التي يحتمل أنها كانت غير عملية في أوانها. وفي نشرة بعنوان "قضية الجيش مدونة بصدق وأمانة"(٩ أكتوبر ١٦٤٧) طالب بحرية التجارة وإلغاء الاحتكارات، وإعادة الأراضي العامة إلى الفقراء، وألح على ألا يرغم إنسان على الشهادة ضد نفسه