يجيب، فأنكر شارل سلطة المحكمة في محاكمته أو صحة تمثيلها لشعب إنجلترا، وقال بأن حكومة يديرها برلمان يسيطر عليه الجيش، هي أسوأ طغياناً من أي طغيان أظهره هو قط، فضجت الشرفات بالهتاف "حفظ الله الملك" ودوت المنابر باستنكار المحاكمة وشجبها. وخشي برادشو على حياته في الشوارع، وأرسل الأمير شارل من هولندا صحيفة لا تحمل إلا توقيعه، ووعد القضاة بالموافقة على أية شروط يدونونها فوق اسمه، إذا هم أبقوا على حياة والده (١٠٠). وعرض أربعة من النبلاء أن يقدموا حياتهم فداء للملك (١٠١)، فرفض عرضهم. ووقع تسعة وخمسون من القضاة، من بينهم كرومويل، حكم الإعدام. وفي ٣٠ يناير سار الملك في هدوء إلى الموت، أمام جمهور غفير تملكه الرعب. وبضربة واحدة من بلطة الجلاد قطع رأسه. وكتب شاهد عيان "لقد تعالت أنات آلاف الحاضرين وقتئذ وآهاتهم، بشكل لم أعهده قط من قبل، وأرجو ألا أسمعه من بعد"(١٠٢).
وهل كان الإعدام عملاً مشروعاً؟ إنه بطبيعة الحال لم يكن كذلك. فإنه طبقاً للقانون المعمول به، يكون البرلمان شيئاً فشيئاً، وبشكل قاس، قد انتحل لنفسه الحقوق الملكية التي أقرتها السوابق لمائة عام. فالثورة على التحديد أمر غير مشروع، وليس أمامها من طريق لتدفع بالجديد إلى الأمام إلا هدم القديم. وكان شارل مخلصاً في الدفاع عن السلطات التي ورثها عن إليزابث وجيمس، لقد أثموا ضده قدر ما أثم هو، وكانت غلطته القاتلة أنه لم يدرك أن التوزيع الجديد للثروة، اقتضى، من أجل الاستقرار الاجتماعي، توزيعاً جديداً للسلطة السياسية.
وهل كان الإعدام عدلاً؟ إذا نحى القانون جانباً، بالاحتكام إلى السلاح، فقد يلتمس المغلوب الرحمة، ولكن يمكن للغالب أن يفرض أقصى العقوبة إذا رأى أن هذا ضروري لمنع تجدد المقاومة، أو لتعويق الآخرين، أو للحفاظ على حياته وحياة أتباعه. والمفروض أن أي ملك منتصر كان يمكن أن يطيح برأس كرومويل وأيرتون وفيرفاكس وكثيرين غيرهم، وربما مع مختلف ألوان التنكيل والعذاب التي يتعرض لها عادة كل من يتهمون بالخيانة.
وهل كان الإعدام عملاً حكيماً؟ من المحتمل ألا يكون كذلك، ومن الواضح