للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن كرومويل اعتقد بأن بقاء الملك على قيد الحياة، مهما يكن من اطمئنان إلى ضمان سجنه، يمكن أن يحفز الملكيين إلى معاودة الثورة المرة بعد المرة، ولكن كذلك سوف يكون حافزاً على تجدد المقاومة من جانب ابن الملك الذي لا يمكن الوصول إليه في فرنسا أو هولندا، والذي لم تلوثه أخطاء والده، والذي لا بد أن تكلل هامته وشيكاً بأمجاد البطولة. إن إعدام شارل الأول أدى إلى تحول كان يمكن التنبؤ به في الشعور الوطني الذي أسترد مساره على مدى أحد عشر عاماً، ويوحي التاريخ اللاحق بأن الرحمة كانت عين العقل والحكمة فإنه عندما وقع جيمس الثاني، ابن شارل، بالمثل، في الخطأ الجسيم، تدبرت ثورة ١٦٨٨ الجليلة الأمر، في دهاء أرستقراطي، وسمحت له عمداً بالهرب إلى فرنسا، وكان لخلعه نتائج ثابتة دائمة. ومهما يكن من أمر، فإن الثورة السابقة هي التي مكنت للثورة اللاحقة فعاليتها السريعة.

إن الثورة الكبرى تماثل ثورات الهيجونوت في فرنسا القرن السادس عشر، كما تماثل، برغم الفوارق الكثيرة، الثورة الفرنسية ١٧٨٩ - فهناك في الحالة الأولى العصيان المسلح للكلفنية البسيطة العابسة التي شدت من أزرها الثورة التجارية، ضد الكنيسة الشديدة التمسك بالشعائر والطقوس وضد الحكومة الاستبدادية المطلقة. وهناك في الحالة الثانية ثورة الجمعية الوطنية التي تمثل سلطان المال وقوة الطبقة الوسطى، ضد أرستقراطية تمتلك الأرض يتزعماه ملك حسن النية ولكنه متخبط مرتبك. وما وافى عام ١٧٨٦ حتى كان الإنجليز قد استوعبوا ثوريتهم، وكان في مقدورهم أن ينظروا بعين الفزع القلق، عن اقتناع، إلى ثورة خضبت بالدم، مثل ثورتهم، أرض دولة وقتلت ملكاً، لأن الماضي حاول أن يقف جامداً لا يريم.