والكساء. وراح جوزيبي ينسخ في جد ومثابرة لوحات رفائيل في الفاتيكان وصور آل كاراتشي في قصر فارنيزي. ثم فر "الأسباني الصغير" إلى بارما ومودينا ليدرس كوريدجو حين وجد أن الراحة اطفأت حماسته. وعاد إلى روما، وتشاجر مع دومنيكينو. ثم انتقل إلى نابلي. وفيها أو في روما وقع تحت تأثير كارافادجو، الذي زاده اسلوبه الوحشي رسوخا في المذهب الطبيعي القاتم، ولعله أخذه من قبل عن ريبالتا. واستلطفه تاجر صور غني فعرض عليه أن يتزوج ابنته الحسناء. وظن جوزيبي المملق أن الرجل يسخر منه؛ ولكن حين اعاد العرض قفز صاحبنا إلى حياة الزواج والثراء.
ورسم الآن لوحته المسماة "سلخ جسد القديس برتولميو"، وفيها من احتمال الحقيقة الدامي ما جعلها- حين عرضت- تجتذب حشدا ن المتفرجين استهواهم الدم أكثر من الفن. أما الحاكم الأسباني- وهو أوزونا الذي عرفناه متآمرا على البندقية- فقد أرسل في طلب اللوحة والمصور، وافتتن بها، ثم عهد إلى ريبيرا بكل أعمال الزخرفة في القصر. وأقصى الأسباني كل منافسيه، حتى عهد إلى جوفاني لانفرانكو صديقه برسم الصور الجصية لكنيسة الكنز، وقام هو نفسه بتنفيذ صور المذبح التي مثل فيها يانواريوس، القديس الذي لا تؤذيه النار، يخرج من أتون مشتعل دون ان يمسه لهيبه.
بعد هذا أصبح ريبيرا إمام فنه غير منازع في نابلي. وبدا أن في استطاعته إن شاء أن يضارع نعومة رفائيل وكوريدجو دون أن يقع في عاطفية جيدو ريني أو موريللو، وأن يرتفع بواقعية كارافادجو إلى مزيد من القوة بفضل حدة تصوره وعمق تلوينه. وحسبنا أن نستشهد بلوحتين فقط من لوحاته "بييتا" و "الرثاء"، في كنيسة سا مارتينو وديرها- "عمل إذا نظر إليه على أنه تجسيد لجلال الرهيب لهبطت كل التعبيرات المماثلة في ذلك القرن إلى درك المشاهد المسرحية (٢١)، أوخذ من الأساطير لوحته "أرخميدس". في متحف البرادو- فهو بالضبط ذلك